ميرغني ابو شنب : ليس من العيب ان يطلب الرجل زوجا لإبنته

[JUSTIFY]تعرضت بكل أسف لحملة شرسة من بعض الأبناء من الجنسين .. لانني نشرت خبرا على صفحات صحيفة الدار قلت فيه ان ابنتي الصغرى هديل قد نجحت في جامعة السودان واحرزت المركز الثالث بين زميلاتها في هندسة الاتصالات بدرجة ممتاز .. وقد كنت بدون شك سعيدا جدا لان ابنتي هديل والدتها قد توفيت .. وصارت في رحمة الله وابنائها ما زالوا يبكون عليها ويتحسرون على فراقها لانها كانت تُعنى بهم كلهم وبالنسبة لي شخصيا فاني سأظل باقي عمري وحتى أرحل عن هذه الدنيا حزينا على زوجتي ووفيا لها .. وقد اكدت مرارا انني لن اتزوج غيرها ليس لانه قد تقدمت بي السن واصبحت عجوزا كما يقول الكثيرون ولكن لانني لن اجد مثلها .. ويكفي انني عندما قلت لها انني مريض وارجو ان تكون مستعدة في اي وقت لرحيلي عن هذه الدنيا وتتحمل المسئولية قالت لي وهي تبكي ان الموت لو جاء فانه من المفروض ان يأخذها هي قبلي لان ابنائي بحاجة لي .. وقد رحلت عنا يرحمها الله .. وبقيت بعدها لا اشعر لهذه الدنيا بأي طعم.
‭{‬ وبناتي وابنائي اعلم تمام العلم انهم امانة في عنقي يسألني الله عنهم .. وابنتي الصغيرة هديل التي نجحت بتفوق في الهندسة بجامعة السودان في كلية الاتصالات من حقي ان اسعد بها وافرح لنجاحها .. واقف بجانبها لانها فقدت والدتها .. وقد تحاملت على نفسي ورغما عن المرض الذي اعاني منه وذهبت مع كل الاهل والاصدقاء لنحضر ساعة تخريجها .. وبكى الجميع وهي تصرخ عندما قدموا اغنية: (ابوي يا يابا لي تسلم) وهبطت من المسرح لانني لا استطيع ان اصعد اليها واحتضنتها وبكينا معا طويلا لاننا تذكرنا ليلى زوجتي ـ والدتها ـ وكان الجميع معنا في تلك اللحظة .. وما تزال احتفالات اهلها بها مستمرة لانها قد تفوقت .. ومن خلال كل ما اسلفت ذكره لم يخطر ببالنا ان نفكر في زواجها فهي ما تزال صغيرة في السن .. وعندما نشرت خبر نجاحها على صفحات صحيفة الدار اردت ان احيط بذلك علما اهلي ومعارفي في كل انحاء السودان وخارجه .. وعندما قلت ان ابنتي هنادي متزوجة وابنتي هيام متزوجة وهديل لم تتزوج بعد لم ارد بذلك الدعاية لها او لأطلب لها عريسا فهي للعلم ليست (بايرة) كما قال البعض في محاولة للاساءة لي لاسباب عديدة .. اعلم بها ولا اريد ان اذكرها .. ونحن بعد خمسين عاما من العمل في مجال الصحافة الرياضية عانينا خلالها وتعذبنا لا ننتظر ان يشكرنا احد .. لكننا كنا نتوقع ان يحترمنا الجميع ويقفوا معنا في ساعات الشدة التي نمر بها .. والحمد لله انه عندما توفيت ابنتي هند بداء السرطان في ايام تخرجها من جامعة كمبيوترمان .. احس الجميع بألمي ومعاناتي .. ووقفوا معي مشكورين لإحساسهم ان هند ايضا ابنتهم بمثل ما هي إبنتي وقد قلت ان الكثيرين بكوا عندما قرأوا المقال الذي كتبته في ذكراها .. وقلت فيه انها وهي في قمة المعاناة كانت تسألني هل يمكن ان تعود لطبيعتها .. وكنت اسمع ذلك منها واعلم ان كل الاطباء ظلوا يؤكدون لي ان لا أمل في الشفاء لان السرطان الذي تعاني منه قد انتشر ولا يسهل علاجه .. وظللت انتظر ساعة رحيلها .. حتى جاءت منتصف الليل في مستشفى الذرة وقد بكيت عليها وما ازال ابكي وسأظل ابكي لانها كانت تحبني .. وتحترمني وتفاخر بي ربما لان كل انثى بأبيها معجبة كما يقولون.
‭{‬ ولكل من قرأوا الخبر الذي نشرناه عن الإبنة هديل وحاولوا استغلاله في الاساءة لي ولها .. بدون ذنب .. اقول لهم انني لا ابحث لها عن عريس .. رغم انه ليس من العيب ان يبحث الاب عن زوج لإبنته .. والفاروق عمر بن الخطاب نشروا عنه انه ذهب الى الصديق ابو بكر وطلب منه ان يتزوج ابنته حفصة فإعتذر له وذهب الى عثمان بن عفان وطلب منه أن يتزوج إبنته فإعتذر له .. وذهب الى علي بن ابي طالب وطلب منه ان يتزوج حفصة فإعتذر له .. وذهب سيدنا عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكيا وروى له ما حدث .. فقال له صلى الله عليه وسلم إنهم قد إعتذروا لأن حفصة إبنتك إختار لها الله من هو أفضل منهم وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ووضح ان أبابكر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم ، رفضوا أن يقبلوا دعوة عمر بن الخطاب لهم بالزواج من إبنته لانهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها .. وللجميع شكري وأرجو ألا يسألهم الله عن كل ما قالوه بحقي بدون ذنب إرتكبته أو إرتكبته إبنتي هديل .. التي نشكرها لانها حققت النجاح بتفوق .. وهذا ما كنا والله سعداء به .. ولم يفكر أحد منا في زواجها .. فهي كما قلت ما تزال صغيرة في السن والزواج قسمة ونصيب وليس شيئا يمكن أن يطلبه الواحد منا من خلال إعلان ينشره على صفحات الصحف .. ولو كان الأمر كذلك لتزوجت كل البنات عندنا ولما إحتجنا لعقد الزواج الجماعي .. ونحن لا نحسد أحد ولا نحمل الحقد لأحد ونرجو الخير للجميع .. حتى وإن تعمدوا الإساءة لنا.
‭{‬ قالوا ان مولانا الامام الشافعي أساء له مرة احدهم فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إذا كنت كما قال عني فأغفر لي ذنبي .. وإذا لم أكن كما قال عني فأغفر له ذنبه .. ونحن قد فعلنا نفس الشئ .. ونرجو أن يغفر الله لكل من تعمد الإساءة لنا .. فهذه الدنيا لا تساوي شيئا .. وإلا فأين كل من رحلوا .. وتركونا خلفهم في هذه الدنيا نتعذب كل يوم بهذا الشكل المؤلم والمؤسف .. ويا أبنائي ويا بناتي .. يرحمكم الله ويرعاكم ويسدد خطاكم .. ويوفقكم لما فيه خيركم.
[/JUSTIFY]
Exit mobile version