وهذه الحالة العصيِّة لا يمكن علاجها بمسكنات كما فعلت وزارة العمل (هداها الله)، إذ أصدرت منشوراً مثيراً للرثاء والشفقة، يستهدف – كما قالت – حسم وضبط ساعات الفطور بالخدمة المدنية ومنشور آخر لضبط الزيارات الاجتماعية أثناء العمل، وقالت العمل إنها ستنفذ منشوريها هذين عبر آلية أسمتها بـ (التفتيش الإداري)!!
منشوران يكشفان عن العقلية التقليدية المتحجرة (غير القابلة) للتطور التي تُدار بها وزارة العمل، فقد ولَّى زمن المنشورات إلى غير رجعة، وهذا زمن القرارات واجبة التنفيذ والمتابعة وفقاً لميكانيزمات رقابية ديناميكية تتخذ من مبدأ المحاسبية هادياً ومرشداً لها، وعليه كان على الوزارة (العجوز) أن تصدر قراراً بإلغاء (فترة الفطور والزيارات الاجتماعية) نهائياً، وأن تصدر لوائح إدارية تحاسب أي موظف يخرج إلى الفطور أو يحول مكاتب الحكومة إلى (صالون) في منزل (شيخ عرب).
في كل دول العالم، يضع الموظف أمامه ساندوتش وكوب عصير وفنجان قهوة ويواصل عمله، في كل دول العالم (ما فيش) زيارات (خالص)، لكن ولأن الموظف ليس آلة وإنما بشر، فإن المؤسسات العامة والخاصة تسمح له بما يسمى بالـ (Tea break) وهي فترة للراحة والاسترخاء على كوب عصير أو قهوة أو شاي لا تتجاوز الـ (15) دقيقة.
منشور العمل استخدم مفردات صارمة، مثل (حسم وضبط) وكأنه صادر عن جهة عسكرية وليست مدنية، ما يشي بأن الوزارة (غلبها التسوي)، فقررت أن تصرخ وترفع عقيرتها بالهتاف، لكن هيهات أن ينجح ذلك.
عموماً، الطرق واضحة نحو الإصلاح، آخرها إعمال وتفعيل مبادئ الانضباط والمحاسبية، أما أولها – فهو إحالة جيوش المتمكنين التي احتلت الخدمة المدنية دونما مؤهلات إلى قعور بيوتهم، ومن كان منهم مؤهل فمن حقه أن يبقى في وظيفته، وهيهات أن تجد بينهم مثل هؤلاء.
وزارة العمل نفسها في أعلى هرمها تحتاج إلى ترميم، وعليها أن تبدأ إصلاحتها من هناك و(تنزل) إلى قاعدتها سالمة معافاة، لكن لن تستطيع أيضاً، لأنها (بنت) التسويات السياسية بامتياز.
لذلك، فعليكم ما إن (تقع) أعينكم على منشوري العمل، أن تمدوا أرجلكم وترددوا، قول جرير (زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سيَقتُلُ مَرْبَعاً ؛ أبْشِرْ بطُولِ سَلامَة يا مَرْبَعُ).
[/JUSTIFY]