التمشيط المصري..

[JUSTIFY]> خبر صغير نشرته وسائط الإعلام في مصر أول من أمس، عن تحرُّكات لقوات حرس الحدود والقوات البحرية المصرية على الحدود مع السودان في مثلث حلايب المحتل، وقيامها بعمليات تمشيط واسعة ومراقبة الحدود.. وذلك بعد يوم أو يومين من أحداث شبه جزيرة سيناء والهجوم على مقرات وثكنات عسكرية في مدينة العريش.. وسقوط ما يقارب السبعين شخصاً بين قتيل وجريح، وتبنى تنظيم (أنصار بيت المقدس) العملية.. مما اضطر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى قطع مشاركته في القمة الأفريقية والعودة الى بلاده لمتابعة الموقف.
> نشر الخبر المعني بتمشيط الحدود مع السودان، فيه أكثر من ملاحظة، بالرغم من محاولة ربطه بما جرى في سيناء قبل نشره بيوم واحد. فتحريك قوات بحجم كبير ونشرها على الحدود ليس بالأمر السهل الذي يتم خلال ساعات قليلة. فهو يحتاج لأيام عديدة وترتيبات متنوعة وتدابير طويلة لتجهيز القوات ونشرها وتحديد مهامها. فعندما يتحدث الخبر عن (أن منطقة حلايب تشهد حالة من الاستنفار والحراك العسكري وتمشيط المنطقة بكثافة)، فذلك يعني في حقيقته أن هذا الإجراء بدأ قبل أحداث سيناء، بحسب التدابير المُتبعة في مثل هذا الشأن المُتعلق بتحريك القوات كما قال الخبر، وتنسيق تمشيطها الأودية والجبال في المنطقة، مع ما تقوم به القوات البحرية المصرية التي انتشرت لنشاتها وزوارقها وقطعها البحرية في مياه البحر الأحمر من قاعدة سفاجة.
> والشيء الآخر، إن توقيت نشر الخبر وإطلاقه أو تسريبه، مقصود منه توجيه الأنظار إلى عملية التمشيط والتحرُّكات على حدود السودان، وصرفها عن ما يجري في سيناء، في وقت يسعى فيه الجيش المصري إلى بدء عملية عسكرية كبيرة في سيناء لم يسبق لها مثيل لمواجهة المجموعات المسلحة التي نفَّذت الهجوم الجريء والدامي، مع ملاحظة أن الآلة الإعلامية المصرية، تتحدث منذ فترة ولم تزل، عن نجاح عملية تنظيف سيناء من الإرهابيين والجماعات المتطرِّفة، وتحقيق الخطة التي وضعت بترحيل الأهالي وإقامة المنطقة العازلة لأهدافها ..!
> إذن.. ما المقصود من هذا الخبر ولماذا..؟ ولمن يُراد تسويقه…؟ وما هي أهدافه..؟
> ظلت الحدود مع السودان خاصة منطقة حلايب وجبال البحر الأحمر هي (الحيطة القصيرة) للسلطات المصرية منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وتم ترويج فكرة مفادها أن هذه الحدود – في ذلك الوقت مطلع السنوات التسعين- هي التي تعبر من خلالها الأسلحة المهرَّبة إلى صعيد مصر، وتستخدمها الجماعات المتطرِّفة آنئذٍ التي استهدفت مجموعات السياح، ولمقاتلة ومواجهة أجهزة الأمن المصري. ويذكر الناس جيداً ما كان يُعلن في إعلام مصر وتنشره الصحف القاهرية.. عن أسلحة تم ضبطها في منطقة (كوم أمبو) تسلَّلت إلى التراب المصري عبر وديان وجبال البحر الأحمر وحدود السودان ..!
> هذا الهاجس المصري استمر بلا دليل أو شاهد، مجرد وسواس قهري، لمدة تزيد عن عشرين عاماً، وتضخَّم الوسواس خلال السنوات القليلة الماضية، عندما كانت دولة الكيان الصهيوني تعتقد أن حركة حماس وبقية حركات المقاومة الفلسطينية تتلقى السلاح من إيران عبر حدود السودان الشرقية، ويتم تهريبه من منطقة البحر الأحمر وجباله الوعرة إلى داخل مصر ومنها إلى سيناء وعبر الأنفاق إلى داخل غزة ..!ولذلك نفَّذت القوات الجوية الإسرائيلية عدة هجمات على مناطق البحر الأحمر وداخل مدينة بورتسودان، بعلم الجيش والسلطات المصرية، وقد تكون القاهرة من أجل هذا الهدف سمحت للطائرات الصهيونية بعبور أجوائها لتنفيذ مهمتها.
> وهب أن ذلك صحيحاً.. فكيف يمكن أن يُنقل سلاح من السودان إلى داخل مصر ليقطع مسافات تقارب الألف كيلومتر من الحدود السودانية المصرية ويمضي مع محازاة الساحل المصري المأهول بالسكان والمنتجعات السياحية في محافظات الغردقة وجنوب البحر الأحمر والسويس، ثم عبور المياه الإقليمية المصرية والوصول إلى سيناء..؟، فمنطقة خليج السويس تمتلئ حتى التخمة بالبوارج والزوارق الحربية، وخفر السواحل لأربع دول يجوب تلك المياه وهي (مصر، إسرائيل، الأردن، السعودية). كما توجد أحدث تقنيات الرصد والرادارات ومجسَّات التعقُّب والتتبُّع..؟!
> ودعك من ذلك.. هل يمكن لدولة مثل مصر ومع التزاماتها باتفاقية كامب ديفيد التي توجب عليها التعاون العسكري والاستخباري مع إسرائيل، أن تفرِّط في حدودها لهذه الدرجة، ولا تعلم كيف يتسرَّب السلاح إلى سيناء والى قطاع غزة..؟ وهل أفلحت القاهرة في ضبط قطعة سلاح واحدة طيلة هذه السنوات ..أم أخفقت؟
هذه الأسئلة المشروعة تُطرح بقوة عندما تحاول جهات مصرية التمهيد بمثل هذه الأخبار لشيء آخر أو تحاول صرف الأنظار عن سيناء.. أو الترتيب لخطوة قادمة..والليالي حبلى ..![/JUSTIFY]
Exit mobile version