في إحدى مدن دولة خليجية شقيقة، امتلأ قصر الاحتفالات الفخم، بمئات النساء اللواتي دعين لزفاف إحدى بنات المدينة، وكما هي العادة في دول الخليج عموما حيث هناك حفلات الزفاف خاصة فقط بالنساء، ويسمح فقط للعريس وربما «بالكتير» اثنين من أشقائه بالدخول الى قاعة الاحتفال لالتقاط صور مع العروس. في ذلك الحفل بالتحديد توجه العريس صوب الكوشة (وأعرب للمرة التريليون عن عجبي لاستخدام اهلي السودانيين لهذه الكلمة لوصف المنصة التي يجلس عليها العريس والعروس، لأنها تعني في العامية السودانية «مكب النفايات»!!!)، ليجد زوجة المستقبل ترتدي فستانا غير ذاك الذي دفع فيه عشرات الآلاف من عملة بلاده.
كانت بالتحديد ترتدي كفنا. نعم «ما يتم إلباسه للميت»، وعليه عبارات تذكر بعذاب القبر وأهوال القيامة، و«كل من عليها فان» و«وإنا لله وإنا إليه راجعون». وران على القاعة صمت تام، وبدلا من الطبول والدفوف المعتادة شق السكون صوت مقرئ معروف يتلو آيات كلها تتعلق بالموت وأهوال القبر و«هذه جهنم التي كنتم توعدون». وما أثار عجب المدعوات والعريس هو ان العروس كانت هاشة باشة وباسمة، وكأنها «ضامنة الجنة»، ورصد العريس الموقف لدقائق معدودة ثم وقف أمام الجميع وقال لعروسه: أنت طالق، فازداد وجهها بشرا وتألقا، لأنها نالت مرادها، فقد تعمدت لبس الكفن للتعبير عن رفضها للزيجة وفهم العريس «المسج» وطلقها معلنا بدوره رفضه للزيجة.
وكتبت من قبل عن شقيقين في جنوب السعودية قررا الاحتفال بزواجهما في نفس اليوم ونفس القاعة، ودخلت عروس الشقيق الأكبر القاعة تصاحبها الطقاقات، ثم جلست على الكوشة، وبعد قليل وتوجهت عروس الشقيق الأصغر نحو الكوشة الملاصقة للعروس الأخرى، ولكن الأخيرة منعتها من الجلوس قائلة: حنا دفعنا فلوس القاعة والزينات، روحي شوفي لك مكان في مستواك يا كحيانة يا مقطّعة، ثم غمزت للطقاقات فرددن أغنية تعاير العروس التي بدون كوشة بفقر أهلها وسمع الأخ الأكبر بما حدث ودخل القاعة وتوجه الى عروسه بنت العز وسليلة بيت المال (مش بتاع أم درمان الذي بينه وبين المال كالذي صار بين الجنوب والشمال)، ووقف أمامها وطلب من الجميع الصمت ونظر الى عروسه تلك وقال لها: أنت طالق ثم صافح عروس شقيقه وقال لها مبروك.
في ذات عام كان الدكتور عبد العزيز الخويطر في صحبة ولي العهد السعودي الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله في زيارة لتبوك، عندما طلب الخويطر من أحد القضاة أن يسرد تجربته في الزواج فوق زوجته الأولى، فابتسم القاضي وقال: تزوجت بالثانية سرا، ولكن زوجتي الأولى ظلت تطاردني بشكوكها في أمر زواجي عليها، ولما طال الموال قلت للزوجة الثانية تعالي زوريني في بيت زوجتي الأولى طالبة المشورة في أمر شرعي، وهكذا ذهبت الأخيرة الى بيت ضرتها وطلبت منها مساعدتها في مقابلة «الشيخ»، وما ان أبلغت الزوجة الأولى مولانا القاضي بالأمر حتى قال لها: لا مانع بس لازم تجلسي ويانا.. ما يصير أجلس بروحي مع واحدة غريبة. وبدأت «الضيفة» تحكي للقاضي عن شكوكها في ان زوجها متزوج عليها سرا، فما كان من القاضي إلا أن قال لها: يا بنتي هذا هو الشيطان يوسوس لك لخراب بيتك.. ولماذا نذهب بعيدا.. زوجتي الجالسة أمامك مسكونة بنفس الشكوك والوساوس ومن يستسلم لهمس الشيطان يسعى لخراب بيته، وشكرته الضيفة وخرجت فما كان من الزوجة الأولى إلا أن قبلت رأس الزوج القاضي طالبة العفو والسماح لأنها حاصرته بشكوكها «الإبليسية». وفي اليمن ظل صحفي متزوج من اثنتين يعاني من ثرثرتهما.. لم تكونا تتشاجران بل كانتا «منسجمتين» ولا تكفان عن الحديث والسعي لجرجرته الى الثرثرة، فلم يجد مخرجا سوى الزواج بثالثة عمرها 19 سنة، كانت تتميز عن الاثنتين الأخريين بكونها بكماء كلش.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]