:: سألوا أحد الفلاسفة – و يبدو أنه كان مُضرباً عن الزواج – عن الصفات التي يتمناها لشريكة حياته، فقال : ( لا أريدها جميلة، فيطمع فيها غيري..ولا قبيحة، فتشمئز منها نفسي..ولا سمينة، فتسد علي منافذ النسيم..ولا هزيلة، فأحسبها خيالي..ولا بيضاء مثل الشمع.. ولا سوداء مثل الشبح..ولا جاهلة فلا تفهمني..ولا متعلمة فتجادلني..ولا غنية فتقول هذا مالي..ولا فقيرة فيشقى من بعدها ولدي)، وصمت.. تقريباً، غادره السائل قائلاً : ( ح تموت عزابي)..!!
:: وهكذا تقريباً لسان حال حكومتنا وأجهزتها أمام الأجواء والمناخات والمواسم التي يتمناهاً للبلاد و شعبها وزراعتها.. فالحكومة وأجهزتها لا تريد أن يكون مناخ بلادنا ماطراً في الخريف، فنغرق بالسيول والفيضان..ولا تريده مناخاً جافاً في الصيف، فنموت بالعطش..ولاتريده ساخناً، فنموت بالسحائي..ولا تريده بارداً في الشتاء، فنموت بالبرد.. ولحسن حظ حكومتنا لايوجد فصل الربيع في بلادنا، ولو زارنا هذا الربيع – بالصُدفة – لأصدرت هيئة الإرصاد بياناً تحذيرياً، كما فعلت مع برد هذا الشتاء ..!!
:: نعم، فالهيئة العامة للإرصاد الجوية تحذر الناس من موجة برد قاسية، وقالت إنها ستجتاح جميع أنحاء البلاد اعتباراً من الأربعاء الفائت وتستمر لمدة أسبوعين، وطالبت المواطنين بتوخي الحيطة والحذر من موجات البرد الموصوفة بالقاسية..هذه الهيئة تُحسن عملها بالرصد والتحذير، ولكن ماذا عن بقية الهيئات والمؤسسات الزراعية والإقتصادية المناط بها إستغلال موجة البرد بحيث ينفع حصاد زرعها الناس والبلد؟.. لقد أكرمنا الله قبل أشهر بخريف رائع، ورغم خسائر بعض أهل المدائن والأرياف، زرع الزُراع زرعاً أنتج إنتاجاً وفيراً من الذرة والسمسم ..ولكن، ها هم الزراع يشكون – كساد إنتاجهم – لطوب الأرض ..!!
:: وكذلك فول وقمح هذا العام – بفضل الله ثم موجات هذا البرد – قد ينتج وفيراً حسب توقعات المزراعين بالشمالية..ومع ذلك، يتوجس الزُراع هناك ويترقبون سجون الإعسار والبيع بأثمان لا تغطي تكاليف الإنتاج، أو كما فعلوا بعد إنتاج السمسم والذرة والبصل..لايوجد تخطيط لأي موسم، ونعني بالتخطيط غير أن تكتفي الحكومة برسم السياسات العامة – والخارطة الزراعية – التي تجنب المزارع الخسائر وتجنب البلاد الصرف على الإستيراد.. نزرع بالصدفة ونحصد الانتاج الوفير بالصدفة، ولذلك لا نخرج من كل المواسم إلا بتحذيرات هيئة الإرصاد ..!!
:: لو زرعوا في الخريف، لايجد إنتاجهم سوقاً موازياً لتكاليف إنتاجهم، فيتعسروا ويخسروأ، وكذلك حالهم في الشتاء..والحكومة – التي ترفع سياسة تحرير الإقتصاد – لاتدع الزراعة و زراعها لمنافسات القطاع الخاص والبنوك في تمويل الإنتاج، ولا تدع الإنتاج لمنافسات الأسواق المحلية والعالمية، بل تُكبل المنافسة ذات الفوائد الإقتصادية برسومها وأسعارها، وهذاالتدخل الجائر- بالرسوم و الأسعار – لا ينفع المزراع ولا يشجع المصدر ..تكاليف الإنتاج لاتزال فوق أسعار السوق المحلي، ولهذا يخسر المزارع رغم أنف انتاجه، وكذلك لو فكر المصدر في التسويق الخارجي فأن تكاليف التصدير لاتنافس السوق العالمي.. فما الحل؟.. للأسف، لا يلوح في الأفق الحكومي حلاً غير أن يتوخى المزارع أيضاً – أي كما سكان بيوت الطين والقش – الحيطة والحذر في ..(الخريف و الشتاء)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]