اعتبرت مصادر دبلوماسية ان النجاح الذي حققته الوساطة التشادية بين الخرطوم ومتمردي حركة العدل والمساواة بتوقيعهما اتفاقاً اطارياً ووقف لاطلاق النار في اقليم دارفور في الدوحة انه ناتج عن تعرض انجمينا الى ضغوط واسعة من واشنطون وباريس، في وقت كشفت فيه نشرة فرنسية باللغة العربية تعنى بالدفاع الاستراتيجي في عددها امس عن اتفاق بإبعاد الخرطوم للمعارضين التشاديين من اراضيها لاحتواء خطر هجومها على انجمينا، وقالت ان الرئيس التشادي يملك ورقة ضغط على الخرطوم في حال عدم ايفائها بما تعهدت به في الاتفاق الذي وقع بين ديبي والبشير بداية الشهر الجاري.
وقالت المصادر التي فضلت حجب اسمها لـ(السوداني) ان النجاح الذي حققته الوساطة التي قام بها الرئيس التشادي ادريس ديبي بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بزعامة د. خليل ابراهيم قد لا يكون كافياً لاخراج نظام ديبي من المأزق الدبلوماسي والعسكري الذي يواجهه حاليا، واشارت الى ان انجمينا تتعرض منذ وقت ليس بالقليل الى ضغوط من اجل تطبيع الاوضاع الداخلية واجراء اصلاحات سياسية، وقالت ان باريس الحليف القوي لنظام ديبي وواشنطون تمارسان ضغوطاً واسعة على ديبي من اجل ادخال اصلاحات على نظامه بما يسمح باستيعاب المعارضة بشقيها العسكري والسياسي في المسيرة السياسية لبلاده.
وكشفت نشرة ( TTU) في عددها الاسبوعي الصادر امس وهي تعنى بشؤون الدفاع والاستراتيجية في نسختها العربية والتي تصدر من باريس، ان مسؤولاً رفيعاً في مجلس الامن القومي الامريكي كان قد ابلغ الرئيس التشادي ادريس ديبي بضرورة فتح حوار مباشر مع معارضيه بصورة مماثلة لما يحدث عند جارته السودان، وربطت ذلك بتمسك الامم المتحدة بالتوصيات التي قدمها الامين العام للمنظمة الدولية السابق كوفي عنان في تقريره الذي قدمه الى مجلس الامن الدولي عام 2007م وحض فيه انجمينا بضرورة فتح حوار سياسي مع المعارضة، وذكرت النشرة انه سبق ان نقل عن مسؤوليين تشاديين طلبهم لبعثة الامم المتحدة التي تنشر قواتها على الحدود الشرقية لتشاد والمعروفة باسم (مينوراكت) وحلت مكان قوات الاتحاد الاوربي (يوفور) بداية العام الماضي انها لم تعد تتعاون مع انجمينا كما كان عليه الحال مع قوات (يوفور)، واشارت بالخصوص الى تردد قيادة القوات الدولية برفضها تبادل المعلومات الاستخبارية مع القيادة العسكرية التشادية وانها تعارض استخدام الجيش التشادي لقدراتها خاصة مهابط الطائرات العسكرية مما ادى الى توتر العلاقات بين الجانبين، الامر الذي دفع انجمينا الى طلب انهاء تفويض القوات الدولية.
واشارت الى ان كل هذه العوامل دفعت الرئيس التشادي للتحرك في اتجاهين اولهما يتمثل في تقديم طلب الى مجلس الامن الدولي من اجل انهاء مهمة بعثة الامم المتحدة في بلاده، متعللاً بالاتهامات الخاصة بتجنيد (الاطفال)، وان الهدف من ذلك قطع الطريق أمام اي محاولات لفرض اجندة اصلاح سياسي من قبل المجتمع الدولي على نظامه.
واوردت (النشرة ) ان الرئيس التشادي كان قد فاجأ الحكومة السودانية بإعلانه عن موعد زيارته له الى الخرطوم مطلع الشهر الجاري من دون تشاور مسبق مع القيادة السودانية، واشارت الى انه تخلف في آخر لحظة من الذهاب الى القمة االافريقية التي انعقدت في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا نهاية يناير الماضي رغم الترتيبات التي قام بها امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة تنظيم لقاء بين ديبي والبشير، وقالت ان يكون هناك مقابل قد تم بتوقيع الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، لكنها لم تكشف عن ذلك المقابل، لكنها قالت انه من المؤكد ان الرئيس التشادي ادريس ديبي قد حصل على التزام قوي من الخرطوم بمنع اي نشاط عسكري لمعارضيه من الاراضي السودانية ويدفعها للعودة الى انجمينا والمشاركة في الانتخابات التي مقرر ان تجري في نوفمبر القادم. وكشفت النشرة عن ان ديبي يأمل في ان يؤدي ذلك الى تخفيف الضغوط الدولية على حكمه من اجل اجراء اصلاحات سياسية داخلية، الى جانب امتلاكه اوراقاً اخرى يمكن ان يستخدمها ضد الخرطوم في حال تنصلها عن ما تعهدت به.
صحيفة السوداني