* فاجأني الابن برغبته في دراسة الطب خارج السودان، فأنكرت حديثه، وسألته عن المبرر، فوضع أمامي قائمةً تحوي تصنيفاً للجامعات السودانية، أصدرته جهة تتبع لأعلى هيئة بحثية في إسبانيا، وتمثل واحدةً من أهم ثلاث مؤسسات دولية تهتم بالتصنيف الجامعي، وقال إنه يرغب في أن يدرس في جامعةٍ تحمل تصنيفاً متقدماً، كي توفر له بيئة دراسية أفضل، وفرصاً أفضل للتوظيف بعد التخرج.
* راجعت التصنيف فوجدته صادراً من هيئة مستقلة تعتمد في عملها على رصد النشاط الأكاديمي والبحثي لكل مؤسسة، بتحديد عدد المهتمين بالخدمة المقدمة من خلال المواقع الرئيسة للجامعات، ورصد إسهامات كل جامعة في مجال البحوث العلمية، والمجلات البحثية المختصة.
* صورت لي غفلتي أن جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا يمكن أن تدخل ضمن الخيارات الجيدة لدراسة الطب في السودان، وعندما راجعت تصنيفها وجدتها تحتل المركز (تاني الطيش) بين الجامعات السودانية التي تدرّس الطب بحسب تصنيف (ويبومتركس) العالمي، حيث لم تتفوق إلا على جامعة بحري (الوليدة)، التي تعاني عدم استقرارٍ أدى إلى إغلاقها لأجلٍ غير مسمى.
* نعتذر بدءاً لكل الأسر التي دفعت بأبنائها للدراسة في جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، ونعتذر كذلك لطلاب الجامعة عن نشر تلك المعلومات الصادمة لهم، وقد اضطررنا إلى ذلك بسبب (تبجح) قادة الجامعة المذكورة بارتفاع المستوى الأكاديمي لمؤسستهم، وجودة الخدمة التعليمية التي يوفرونها لطلابهم.
* احتلت جامعة مأمون حميدة المركز قبل الأخير بين الجامعات التي تدرّس الطب في السودان، ورابع الطيش بين خمس وثلاثين جامعة سودانية شملها تصنيف (ويبومتركس)، أما عن تصنيفها عالمياً فحدث ولا حرج!
* قبعت الجامعة في المركز (20095) عالمياً، والمركز (827) في الوطن العربي، بينما احتلت جامعة الخرطوم المرتبة الأولى على مستوى السودان، والمركز (2070) على مستوى العالم، والعشرين على مستوى الوطن العربي، برغم الفارق الهائل في مقدار الرسوم التي تتحصلها جامعة مأمون حميدة من طلابها مقارنة بما تأخذه منهم جامعة الخرطوم وبقية الجامعات الأخرى.
* تفرض إدارة جامعة حميدة على كل طالب للطب فيها أن يدفع (68) ألف جنيه سوداني سنوياً، أما إذا كان حاصلاً على شهادة الـ(IG) فعليه أن يدفع (12) ألف دولار كاش، حتى ولو كان سودانياً مكتمل الأهلية!
* حتى بالنسبة للجامعات السودانية في عمومها لم تسبق جامعة مأمون حميدة في التصنيف المذكور سوى جامعة بحري (الوليدة) وغرب كردفان، وكلية الشرق الأهلية!
* التحية لجامعات كسلا وشندي والفاشر وسنار والدلنج ودنقلا وبخت الرضا وكل الجامعات السودانية التي تميزت على جامعة (الدولار) بجهد أساتذتها ونبوغ طلابها واحترام الوازع الأخلاقي في العملية التربوية.
* لا نستغرب أن تحتل جامعة مأمون حميدة ذلك المركز المتأخر في تصنيف الجامعات السودانية طالما أن بعض قادتها من أمثال حافظ حميدة يعتدون معنوياً على يافعٍ بريء لم يتعرض لهم بتاتاً، ولم يرهم في حياته.
* هذا عن حالة ضعف التأهيل الأكاديمي للجامعة المذكورة، أما عن ضعف التأهيل الأخلاقي والنفسي لبعض من يشرفون عليها فقد اتضح بجلاء في تعدي نائب مديرها حافظ حميدة على طالب قاصر، ووصفه له (بالتخلف الوراثي) لمجرد أن والده اختلف معه في شأنٍ عام، وتلك حكاية أخرى، لها فصول لم تنشر بعد!
اليوم التالي