إذا كنتم تعتقدون أننا كتّابٌ نجيد التعبير نسبياً ونتمتع بقدر من الفصاحة اللغوية.. فاعلموا أن هذا ليس سوى مخزوننا اللغوي المتراكم على مر السنوات من مجموع القراءات التي حصدناها من مختلف الكتب.
وليس هناك من يغفل دور القراءة في تطوير الذات والمهارات الفكرية والتعبيرية.. فهي قادرة على منح الإنسان ما يلزم من انفتاح واطلاع ومعرفة وثقافة وتطور.. وتساهم بفاعلية في جعله قادراً على الابتكار والتقرير والتخطيط والتنفيذ.
ولست اليوم بصدد الحديث عن فوائد القراءة.. ولكني وددت أن أبذل خالص امتناني لـ (هيئة الخرطوم للصحافة والنشر) على ما قدمته لنا مؤخراً من إنجاز كتابي كبير وغير مسبوق.. فبينما قدمت كل المنطقة العربية للعالم نحو 2000 كتاب عربي.. كان نصيب السودان بفضل تلك الهيئة القديرة 100 كتاب فخيم المحتوي فاخر الإخراج لعدد من الكتاب الأعلام في كافة المجالات والعلوم الإنسانية ووفق خطة اختيار موضوعية قام عليها عدد من المحكمين الأكفاء لضمان الإنصاف الكافي وجودة المحتوى.
100 كتاب.. كتبتها الخرطوم.. ليقرأها كل العالم، وبذا تكون الخرطوم قد خرقت المقولة الشهيرة المتداولة.. ولم تعد تكتفي بقراءة ما تكتبه القاهرة وتطبعه بيروت.. لقد أصبحت مستقلة في الكتابة.. وصاحبة بصمة توثيقية واضحة مع احتفاظها بخاصية القراءة كقيمة تعرب عن اتساع أفق إنسانها وتميزه.
وكان هذا المشروع الضخم الذي جاء تحت مسمى (مشروع طباعة الـ 100 كتاب ثقافي) أو ما تعارف بـ (سلسلة 100 كتاب في الثقافة السودانية) قد انطلق بتوجيه من السيد والي ولاية الخرطوم وبتمويل حكومي كامل من وزارة المالية، بحيث لم يعاني أي من الكتاب مشقة تكاليف الإنتاج في أي مرحلة، على أمل أن يساهم المشروع في خدمة الكتاب الشباب الذين لم تر إبداعاتهم النور مع الحرص على إعادة طباعة أمهات الكتب السودانية من الذخائر لخدمة الذاكرة الثقافية وتواصل الأجيال.
الجدير بالذكر أن ما قامت به الهيئة يعد جهداً غير مسبوق منذ استقلال السودان وحتى الآن مع تقديرنا لكل المجهودات التي قدمتها دار الخرطوم للنشر ورصيفاتها من قبل، فقد قدمت الهيئة كتاباً سودانياً كامل الدسم متجاوزاً سوء الشروط الفنية ليأتي في حلة زاهية وأنيقه. كما دفعت بأسماء جديدة إلى الساحة حجبهم طويلاً ارتفاع تكاليف الإنتاج لتفتح بذلك المجال لآخرين وتشعل حماس جميع الكتاب.
إنني أرفع قبعة الاحترام للهيئة، وهي تضرب لنا كذلك المثل في الامتنان، فتبذل شكرها للأستاذ /علي عثمان محمد طه الذي كان له فضل إطلاق الصافرة ورعاية المشروع في بدايته.. وأنصحكم جميعاً بالسعي للاطلاع على هذه الدرر الثقافية الثمينة لتستمتعوا وتعوا وتستشعرون معنى الزهو الذي اعتراني وأنا أقف على كل هذا القدر من الجمال والجلال وأستنشق رائحة الكتب السودانية الخالصه، فيعتدل مزاجي للكتابة.
تلويح:
(الخرطوم).. تكتب وتقرأ.. وترتقي!