هي ورقة مبرئة للذمة بكل اللغات وسعر صرفها بمختلف العملات مستقرا عند أعلى مستوى الإبداع، كيف لا وهي تحمل صورة أشهر الأدباء الكولومبيين غابريل غارسيا ماركيز الشهير باسم (غابو)، إنه التكريم الذي يليق بهذا المبدع الذي رحل في أبريل الماضي تاركا إرثاً عميقاً من الأدب لجميع قرائه بمختلف بلدان العالم، ولكن مسقط رأسه كولمبيا التي عُرفت بتكريم رموزها الأدبية، وهي تطبع صورة الشاعر الرومانسي خورخي ايزاكس على أعلى العملات النقدية المتداولة قيمة وقيمتها 50 ألف بيزو (20.44 دولار)، جنبا إلى جنب مع الشخصيات التي ناضلت من أجل استقلال كولمبيا عن إسبانيا، وهذا الأسبوع أقرَّ الكونغرس الكولومبي مشروع قانون يصدر البنك المركزي بموجبه أوراقاً نقدية لتكريم ماركيز، جاءت الموافقة على مشروع القانون يوم الثلاثاء على أن يطبع البنك أوراقاً نقدية تحمل صورة (جابو)، وهو الاسم الذي يشتهر به ماركيز في كولومبيا على العملات الجديدة التي يصدرها وينص القانون أيضاً على تخصيص مواقع معينة في مسقط رأس ماركيز للسياحة.
وقال أنتونور دوران المقرر المعني بهذا القانون لوسائل الإعلام “إن غابو ترك إرثاً أدبياً وصحفياً رائعاً لا بد من تعزيز نشره وقراءته ودراسته”. وهو أضاف “أن اسمه يختزن دلالات كبيرة لحاضر كولومبيا ومستقبلها، في ما يخص الاعتراف بثقافتها والسياحة فيها”.
إذن صاحب رواية (مئة عام من العزلة) التي فاز عنها بجائزة نوبل للآداب العام 1982 لن يظل في عزلة نسيان الموت التي تلف الكثير من مبدعينا مع الأسف الذين يموتون مرتين مرة بالموت الطبيعي بحلول الأجل ومفارقة الروح للجسد، ومرة أخرى بالنسيان والجحود من الجمهور الذي كثيرا ما تغنى واستمتع واستنار بإبداعاتهم، ولكن كولومبيا التي اختذلناها في الذاكرة بأدب ماركيز أرادت أن تعلمنا درسا بأن قيمة الأديب ماركيز ستظل حاضراً وذكراه متقدة لا تنطفئ، ومن يتداول العملات التي تحمل اسم غابو سيدرك قيمة غابو قبل قيمتها الحقيقة سنداً مالياً.
صاحب (الحب في زمن الكوليرا) سيخلد بالحب في قلوب الملايين وتصبح صورته بملامحه المعروفة وشاربه الكث، متدوالة بين الناس طالما هم يتداولون العملات النقدية بصورة يومية، كما أنها فكرة رائعة لحذب السياح الذين بلا شك ستكون من أجندة زياراتهم لكولومبيا اقتناء تلك العملات ليس فقط لممارسة هواية جمع العملات، وإنما الاحتفاظ بشيء من ذكرى غابو الأديب الذي لامس شغاف قلوب الملايين في العالم من خلال الواقعية السحرية التي ابتدرها في أمريكا اللاتنية، وتداعى لها بالأثر والتأثير الكثير من الأدباء في العالم الذين تتبعوا مساره الأدبي الصاعد نحو المجد.
[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآنصحيفة اليوم التالي