لماذا يحارب الفنانون (الصحافة الفنية)؟

[JUSTIFY]
لماذا يحارب الفنانون (الصحافة الفنية)؟

كلما تناولنا قضية (الأغنيات الهابطة) سارع الكثيرون بالتلويج في وجهنا بمناديل (اليأس)، مؤكدين أننا -وكما يقول المثل- (نؤذن في مالطا)، بينما فشل ذات (المحبطين) و(المحايدين) على وجه سواء في تقديم أي أسباب منطقية عن ذلك (الإحباط) الذين يمارسونه علينا لننتقل من خانة (التناول) إلى خانة (التدثر باللامبالاة) والبحث عن مواضيع أخرى يمكن أن تؤتي أحرفنا أكلها فيها.
أقول دوماً: إن الصحافة وتحديداً (المتخصصة فنياً) تواجه الكثير من (سوء الظن) بها، وتجد كذلك الكثير من (المتاريس) الموضوعة أمام تخصصها، ليس لأن الفنانين لا يعترفون بها ولكن لأنهم (لا يريدون الاعتراف بها) والفرق كبير بين هذا وذاك.
أول الأسباب التي تدفع بالفنانين للإصرار على عدم (الاعتراف بالصحافة الفنية) هو الدور الذي تلعبه في كشف سوءاتهم، وعرضها وبشكل صريح وواضح لأخطائهم وعثراتهم – ليس تنكيلاً بهم – ولكن حرصاً منها على الأغنية السودانية التي هدَّت قواها أغنيات (الهشك بشك) وفتكت برصانتها (الألحان الحبشية ورفيقاتها من ذوات النغم المستلب والمستورد من الخارج).
بالمقابل، هناك سبب آخر رئيسي لمحاربة بعض الفنانين الشباب للصحافة الفنية ومتخصصيها وهو (الغرض)، أي بمعنى أن عدداً كبيراً جداً من الفنانين الشباب يحرصون على شَنِّ الحروب على الصحافة الفنية من أجل إلهائها تماماً وشغلها عن ما يؤدونه من (رسالة عكسية وخاطئة) تتمثل في تفجير التقليعات (الغريبة) و(العجيبة) على هذا المجتمع، إلى جانب التفريخ المستمر للأغنيات الهابطة والتي صارت اليوم من (مداخل رزق) الكثير من الفنانين الشباب، وبالتالي اعتمادهم عليها كلياً في التسويق لأنفسهم عبر حفلات (الأعراس) وحصد (العدادات) تباعاً، بينما يحصد المتلقي والجمهور (السراب) وينال المستمع السوداني (سيكاً) في قبول ذوقه العام – أو على حد تعبير ممارسي لعبة الكوتشينة!
لا أخفيكم سراً أنني كنت وحتى وقت قريب أحلم بوسط فني متسامح وبشراكة ذكية ما بين الصحافة الفنية والفنانين، وذلك لأن هذا هو المطلوب، وهذا بالضبط هو الحل للعبور بأغنيتنا للخارج، لكني وبعد الكثير من الأحداث والمتابعات والمعارك المستمرة تأكدت تماماً أن تلك الشراكة الذكية لن تتحقق؛ فالفنانون ليسوا قادرين على انتزاع (بذرة) الكراهية وطرد هواجس الظنون بالصحافة، ولا الصحافة نفسها قادرة على التكيف مع أساليب بعض الفنانين وأغنياتهم التي باتت تجلب (العار) قبل (رداءة الأشعار).
شربكة أخيرة:
الفنان الذي يعتقد أنه بهجومه المستمر على الصحافة الفنية سيربح معركة (الخلود الفني) مخطئ، فإن لم تحاسبه الصحافة الفنية اليوم فسيحاسبه التاريخ غداً، وستنصب له مشانق (الذل) في كل مكان، بحيث يموت على (مقاصل الحقائق) ألف مرة.
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني

Exit mobile version