بدءا نقول أن التقرير المعني والذي وصفناه من قبلنا ب ( الخنفشاري ) ما هو الا تقرير المراجع العام ، ولكن أتدرون ما الخنفشار وما هى حكايته، الخنفشار لفظة لم يكن لها اصل ولا معنى في اللغة العربية الى أن جاء ذاك اليوم الذي أزمع واجمع فيه بعض القوم على كشف إدعاءات أحد ادعياء العلم والفتوى وفضح زيفه واكاذيبه وجهالته التي تمادى فيها، فاتفقوا على ان يأتي كل واحد منهم بحرف كما اتفق، وعندما جمعوا الحروف الى بعضها شكلت كلمة (خنفشار)، فذهبوا الى المدعي يسألونه عن الخنفشار، قال بعد ان سمّى الله وحمده، الخنفشار نبات طيب الرائحة ينبت في نواحي اليمن وله خاصية عقد الضرع لدى البهائم فاذا أكلت منه البهيمة إنعقد ضرعها فلم يجر حليبها لأيام، ومن يومها دخلت الكلمة القاموس لتأخذ معنى الشيء الذي لا معنى له ولا جدوى منه . .. والتقرير الدوري الحولي الراتب الذي يعده المراجع العام نهاية كل حول ، هو عندي كما سنبين من الخنفشاريات التي لم يعد لها جدوى ولا معنى …
بالأمس ( الأثنين الماضي ) ، عاد كالعادة المراجع العام لطرح تقريره أمام البرلمان ، وكالعادة أيضا عاد صحافيو الماجريات البرلمانية لتلخيص الانتهاكات والاختلاسات المالية الواردة فيه ، وعاد كذلك الكتاب الصحافيون يجترون ذات ما قالوه عنه وحوله وفيه قبل حول ، وها نحن نعود مع العائدين ، لنقول أن التقرير السنوي للمراجع العام برتابته المكرورة حتى اصبح أمراً عادياً ومعتاداً لا يخيف أى حرامي ولا يحرك شعرة في الحكومة، استحق عن جدارة ان نطلق عليه التقرير الخنفشاري الذي لا معنى ولا أثر له طالما ظل على هذا الحال، مجرد خطاب يلقيه المراجع العام على مسامع نواب البرلمان وتتبارى الصحف في إيراد ارقامه ثم ينتهي كل شيء الى لا شيء ، لحين موعد التقرير القادم ليتكرر المشهد (الخالق الناطق) بلا أى جديد وهكذا دواليك، فهل هذا التقرير بالشكل والطريقة التي يصدر بها وبالمآل الذي ينتهي اليه كل عام، مقصود لذاته بمعنى ان يكون هناك تقرير والسلام، ام أن من وراء المراجعة وكشف الثغرات في المال العام والأيادي العابثة به، هدف ومغزى هو كشف ومحاسبة العابثين وسد الثغرات وإحكام الضوابط التي تحميه من السرقات والتغولات، المؤسف أن واقع الحال حتى الآن يقول أنه تقرير والسلام ليس له ما بعده ولا يترتب عليه أى شيء وستظل سنة إنتهاكه ماضية الى يوم الدين، فالمخالفات قائمة عاماً بعد عام والاختلاسات كذلك ماضية لا تلوي على شيء ولا تهاب شيء، لا قانون ولا دين ولا أخلاق ولا مشروع خنفشاري- أقصد حضاري- بل الأدهى والأمر أن تتواصل وبعناد (عمليات) تجنيب الايرادات والصرف خارج الموازنة رغم حزمة القرارات التي تتابعت بشأنها ولم تفعل شيئا، وكيف تفعل اذا كانت هى الأخرى مجرد قرارات خنفشارية حنفشية محض نفخة وهرشة وحنفشة لذر الرماد في العيون وصرف الانظار عن تلك الاموال الجانبية، التي ليس هناك ما يحول دون دخولها الى جيب شخص أو دار حزب، والحال هذه، يحيرني السر الذي يجعل الحكومة ترهق المراجع العام ومعه البرلمان كل عام بهذا التقرير وهى تدري في خويصة نفسها أنه مجرد خطبة بتراء…..
[/JUSTIFY]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي