لم يجد القوم بدا من العودة إلى (الصيف الحاسم) ولا يهم إن كان ذلك في فصل الشتاء.. المهم إن هذه هي اللغة التي يفهمها الآخرون والكفيلة بوضع الأمور في نصابها.. على أن (الصيف) الحاسم أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.. فما لم يتحقق في طاولة المفاوضات في أديس أبابا يمكن أن يتحقق على الأرض.. وقديما قيل يجب أن نستعد إلى الحرب حتى يتحقق السلام.. فعلى الأقل لن يكن بمقدور أصدقاء الثوار الزعم بأن الحكومة غير جادة في عمليات السلام ووفدنا آخر الوفود التي غادرت عاصمة المفاوضات.. فغندور ينتمي إلى ذرية قوم يرتكزون على قيمة (لا تتمنوا لقاء العدو ولكن إذا فرضت عليكم الحرب فاثبتوا).. عملت الحكومة الكثير لتتفادى ثقافة الاحتكام للبندقية.. غير أن المتمردين فيما يبدو يفتأون يمارسون عمليات شراء الوقت لإعادة تنظيم وترتيب أمورهم.. ومن ثم شن هجمات جديدة على المدن والمواطنين والقرى.. وأفضل برهان على ذلك دعوتهم المتكررة لوقف الحرب مؤقتا ريثما يدخلون المعونات الإنسانية للمتضررين!!
ولو كانوا صادقين لطالبوا بوقف دائم للحرب.. كما أن الحكومة في المقابل قد استوعبت درس (المنظمات الإنسانية).. التي لم تكن إلا مجموعة جواسيس ومرتزقة وتجار حرب.. فمع كل طن غذاء فاسد منتهي الصلاحية ينقلون أطناناً من الأسلحة والمتفجرات إلى المتمردين.. ألا تكفينا تجربة دارفور التي عملت فيها المنظمات الإنسانية لاتساع رقعة الأرض المحروقة وتعدد وتمدد المعسكرات.. واحتقان ساكنيها بالأدوية والأجندة الفاسدتين ومقاومة مبدأ العودة الطوعية إلى القرى والزراعة وصناعة الحياة الطبيعية.. لم تكن هذه المنظمات إلا وسيلة لاحتباس المواطنين وإطالة أمد الحرب وإيجاد مبررات لوجودها.. كما أنها في المقابل وسيلة لتدفق الأموال من وراء البحار.. فالممولون يدفعون بقدر اتساع رقعة الأرض المحروقة التي تسعى المنظمات لمزيد من احتراقها !
* سادتي، إن الذي ذهبتم تبحثون عنه في رحلة مضنية طويلة.. بدأت من أبشي وأنجمينا وأبوجا وسرت والقاهرة والدوحة وصولا لأديس أبابا.. فلقد تركتموه كما غلام بسطام وراء ظهوركم.. قيل إن غلاما قد خرج من بسطام ذات يوم طلبا للعلم.. فلما طرق أبواب مدينة بعيدة سأله أحدهم: “ما الذي أخرجك من بسطام؟”.. قال “خرجت في طلب العلم يا مولاي”.. قال “إن الذي خرجت لأجله قد تركته وراءك ببسطام”.. في إشارة للعالم الإسلامي البسطامي الشهير.. فيا جماعة الخير إن الحل الذي ترهقون له خيل العواصم هو ما تركتموه دائما وراء ظهوركم.. هو الشتاء الساخن والصيف البارد والخريف الراعد.. الدراما التي تتقنها القوات المسلحة السودانية والقوات الرديفة والمساندة الأخرى.. فلو منحتموها نصف ثمن هذه الطاولات لسلمتكم كل الأرض المحروقة نظيفة مخرج.. سيدي غندور خذوا نصف ثمار المدينة وكرائم أموالنا وقدموها على طبق من ذهب لجيشنا الفتي.. فهذا أقصر الطرق إلى تحقيق السلام.. والله ولي التوفيق …
[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائمملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]