:: ما عاب مهرجان جبل البركل هو أن الحكومات لم تقم بدورها في تأسيس البنية التحتية للسياحة بالمنطقة طوال السنوات الفائتة.. لجنة المهرجان بدأت من (الصفر)، وصرفت أكثر من ثلث الميزانية – 1.200.000 جنيه – في أعمدة الكهرباء وأسلاكها ومحولاتها، وذلك لإنارة ساحة الجبل التي تبعد عن القرى والأحياء نصف كيلو متر تقريباً..وقبل أن تتبرع ولاية الخرطوم – للمهرجان – بصناعة وتركيب دورات المياه، كان السواح يقضون حاجتهم في العراء .. وعليه، إن لم يكُن للمهرجان جدوى غير إنشاء الإنارة و دورات المياه وغيرها من الخدمات بتلك المنطقة الأثرية، فهذا يكفي ..!!
:: ثم صناعة الثقافة وتسويقها، وكذلك الترويج للسياحة والإستثمار فيها بحيث يحقق العائد لمواطن المنطقة وخزينة الدولة من مسؤوليات المجتمع عبر شركات القطاع الخاص، وذلك بعد أن توفر الحكومة المناخ والبنية التحتية.. ولكن، غاب القطاع الخاص عن مهرجان البركل – إلا من إسهام محدود لاتحاد مصرفي وثلاث شركات – فتحملت خزينة الدولة أعباء المناشط وأهل مروي وكريمة تكاليف نقل وإقامة و إعاشة الكثافة الجماهيرية المقدرة يوم الإفتتاح ب ( 80.000 نسمة)..مثل هذا الحدث يجب أن يحقق عائداً مادياً للخزينة العامة – ولائية كانت أو مركزية – كما الحال بالبحر الأحمر (18.000.000 جنيه عائد مهرجان العام الفائت).. مهرجان البركل لم يضف جنيهاً للخزينة العامة لغياب رعاية فاعلة من قبل القطاع الخاص …!!
:: وتلك الكثافة المقدرة ب (80.000)، رغم أنها كانت صادمة للجنة المنظمة، وأربكتها لأنها إستهدفت بالمهرجان حجما لايتجاوز (25.000 نسمة)، إلا أن تلك الكثافة كشفت معدن الأهل بقرى وأحياء (مروي وكريمة) .. منذ فجر إفتتاح المهرجان، فتحوا أبواب منازلهم ، ولم يغلقوها إلى يومنا هذا.. ( فالجود بالموجود)، هكذا شعار أهل مروي وكريمة، و بشاشة إستقبالهم وترحابهم بالطلاب والشباب القادمين من كل أرجاء الولاية والخرطوم وغيرها من الولايات ( دسمة للغاية)..والأجمل أن بيوت زعماء المنطقة، و رموز المديح والشعر الغناء تحولت إلى مزارات وفنادق و ( تكية)، بلغة العارفين معناها.. !!
:: وعليه، إن كان عدم التحسب لهذه الأعداد الغزيرة من أخطاء لجان الإقامة أو التسكين، فان هذا الخطأ أفصح بأن بيوت رموز المجتمع ونوابغ الفن والثقافة والرياضة بمروي وكريمة (تسع الجميع)..وليس في الأمر عجب، في السودان لا يجوع الضيف ولا ينام في العراء ، وما الأهل بمروي وكريمة إلا بعض أهل (السودان المضياف).. وكما أبدع الدكتور راشد دياب في تخطيط وتشكيل أرض المعارض بساحة الجبل، أيضا ابدع الدكتور جراهام عبد القادر – رئيس لجنة المناشط – في صناعة لوحة قومية أكدت أن أهل السودان شركاء في الإحتفاء بكل حضارات وتاريخ وطنهم ..عندما كان عمر إحساس يُطرب الأهل بدنقلا – في مسرح مهيرة – بتراث دارفور الأصيل ، كان سيدي دوشكا يُطرب الأهل بالبركل بتراث البجا العريق.. !!
:: وكان هناك عبد الرحمن عبد الله بكل عنفوان كردفان، وفرقة جبال النوبة رافقت مصارعة شباب الجبال في ساحة جبل البركل.. وكذلك الفرق النوبية- السودانية والمصرية – إنصهرت طربا ورقصا على حافة جبل البركل.. وإصرار الفرق النوبية على تكبد مشاق الرحلة للاحتفاء بجبل البركل في البركل – وليس في وادي حلفا، حيث مكان المستهدف بالإحتفال – كانت ( لفتة رائعة)..لقد أبدع الدكتور جراهام ولجنته في إعداد (البرامج القومية)، وكذلك أبدع في توزيع فرص المشاركة لكل محليات الشمالية، ما عدا محلية البرقيق التي يبدو أن معتمدها إمتلك (شهادة بحث الدفوفة)، لحد رفض إستقبال من كانوا يسعون إلى الإحتفاء بجبل البركل في ( ساحة الدفوفة).. !!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]