لو أن المؤتمر الوطني يحتكم بالفعل إلى المؤسسية لما توانى لحظة في إيقاف عضوه ومعتمد جبل أولياء )الطيب العباسي(، إلى حين مساءلته عن تصريحه الذي نشرته الزميلة الأخبار (أمس).
التصريح الذي وصفته الصحيفة التي نشرته بالساخر، لم يكن كذلك من وجة نظري، بل كان مثيراً للحنق والغضب، كان عبثياً وزائداً ولا مكان له من (الإعراب)، وإلا فإن الوظيفة التي يتولاها القيادي بالحزب الحاكم ومُطلق التصريح هي (معتمد)، وليس ناطقاً باسم حزبه، فما الذي يجعله يقفز من وظيفته في إدارة (جبل أولياء) التي تعاني نقصاً في كل شيء، حتى تعرفة مواصلاتها ارتفعت دون الخطوط الأخرى وقبل رفع الدعم إلى تصريح يحمل بين طياته (شماتة) وليست سخرية. وأي شماتة تلك؟
إنها شماتة في الموتى، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فاسمعوا قول الرجل وتأملوه، قال المعتمد بعد انتحار أحد المواطنين أمام مبنى ديوان الزكاة بمحليته موجهاً حديثه لمن أسماهم بالمتوهمين باندلاع ثورة في السودان “إن انتظار من يرجون لقيام ثورة في السودان على غرار الثورة التونسية سيطول”. وأضاف: “الأحياء ما قدروا يعملوا ثورة يقوموا يعملوها الميتين!!”.
فهل كان ضرورياً أن يمضي الرجل إلى التعليق على (الموتى) بهذه الطريقة، حتى لو كان الهدف من ذلك صرف الأنظار والتشويش على رجل انتحر في محليته أمام ديوان زكاة تحت إدراته؟
كنت أتصور، أن يقول المعتمد، لو أن (بغلة) تعثرت في (تريعة البجا) لخشيت أن يسألني الله عنها، دعك عن إنسان عصفت به الفاقة والحاجة والفقر، فسعى إلى الزكاة التي كان ينبغي أن تأتي إليه، ولما لم يجدها قرر مغادرة الأرض التي لم تستطع إطعامه من جوع.
أمر مثل هذا، لو كان حدث في أي بقعة من بقاع العالم لجعل القيِّم على أمرها (يقعد في الواطة) ويراجع حساباته، وفي ما هو مقصر، وماذا ينبغي له أن يفعل لخدمة المواطنين، لكن الرجل اختار (لسانه)، ومن اختار لسانه لا محالة ذاهب إلى مزالق كثيرة.
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي