(1)
في آخر مباريات نجم كرة القدم الفرنسي زين الدين زيدان العالمية نطح أحد لاعبي منتخب إيطاليا فتسبب ذلك بطرده من آخر مباراة قمة، في آخر بطولة كأس عالم يشارك فيها قبل تنفيذ قرار اعتزاله .. جماهير النجم الأسطورة تحسروا على إفساد ساعته الأخيرة، فتوقيت اعتزال اللعب يرتبط دوماً في الأذهان بالتألق والمجد ..!
(2)
روبيرتو روسيتي حكم كرة قدم إيطالي احتسب هدف تسلل واضح لصالح منتخب الأرجنتين على حساب المكسيك في إحدى مباريات كأس العالم الأخير، فأصدرت الفيفا قراراً بشطب اسمه من قائمة حكام البطولة .. ولكن عندما ربطت الصحف بين عقوبة الفيفا وقرار اعتزاله خرج روسيتي عبر وسائل الإعلام ليؤكد أنه قد اتخذ قراره قبل بدء البطولة فحافظ بذلك على مظهره الفني .. فاعتزال العمل العام قرار موضوعي ليس من اللائق أبداً أن يأتي كردة فعل لعقوبة إدارية أو نقد إعلامي ..!
(3)
النقد الفني عندنا ما يزال واقفاً في محطة الشارلستون، وعلى أي مطرب شاب أن يتملق مزاج النقاد باستنساخ أغنيات العمالقة ومفردات الزمن الجميل .. هكذا فقط ينأى بنفسه عن الخطر، أما الذي تسول له نفسه أن يجدد فعليه أن يستعد لنيران النقد الفني وقذائف الإعلام الستيني – الموجه ..!
(4)
أجهزة الإعلام المحلية والإقليمية عندنا تتعامل مع بعض “العمالقة” بمحبة (مؤذية)، مثل محبة الدب الذي هشّم رأس صاحبه وهو يظن نفسه يريحه من إزعاج ذبابة حطت عليه! .. فالظهور الإعلامي المباشر – وليس من وراء حجاب المنجزات السياسية أو الفنية أو الفكرية – له شروط وضوابط، أولها وأولاها أن يضيف إلى رصيد المبدع، لا أن يكون خصماً على صورته الجليلة المحفورة في أذهان الناس ..!
(5)
عدم إغفال تفاصيل الظهور الفني للعمالقة لون فاقع من ألوان الفروق بيننا نحن الأفارقة والعرب والآخرين في مجتمعات العالم الأول، حيث للمبدعين مستشارون مختصون بالظهور الإعلامي كقرار تسبقه دراسة للحال الصحية، والاستعداد النفسي، والكفاءة الذهنية، وشحذ الهمة وصقل الحضور للخروج من التجربة بنجاح يضيف إلى رصيد المبدع ..!
(6)
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها عمالقة الفن وجهابذة السياسة عندنا أنهم يعولون كثيراً على إرث الماضي ومنجزات الشباب في كل لقاء إعلامي، فيفرضون ذوق الزمن الجميل، وقناعات الزمن الجميل ، وأفكار الزمن الجميل، وفتوحات الزمن الجميل، على مشاهد ومستمع وقارئ زماننا الرديء – بحسبهم! – أما أجهزة الإعلام فتجاريهم خوفاً من تهمة العقوق ..!
(7)
متى يفهم إعلامنا أن العباقرة ليسوا كاملين، وأنهم بشر يموتون على غير ما ولدوا عليه من عبقرية، فمعظمهم قد نال منه الزمن أو المرض في يوم ما، أو خذلته بعض الظروف، لكن الحظ حالفه في إبقاء تلك الظروف بعيدة عن عيون العامة، حتى إذا ما بهت وهج العبقرية بقيت الصورة المتألقة، حية، خالدة في أذهان الناس ..!
(أرشيف الكاتبة)
[/JUSTIFY]
الكاتبة : منى أبوزيد
[email]munaabuzaid2@gmail.com[/email]