استوقفني الأسبوع الماضي خبرا طالعته على موقع وكالة ( رويترز) للأنباء، وفحواه أن مواطنا تونسيا (أغبشا) ومابين القوسين من عندي، تمكن من التسلل الى قاعة البرلمان في أولى جلساته الثلاثاء الماضي، ولم يكتف بذلك بل أدى القسم مكان نائب متغيب، لكن لسوء حظه كشفته الشرطة وتمكنت من ايقافه.وقال نواب في البرلمان التونسي الجديد الذي انتخب الشهر الماضي، إن هذا المواطن أدى القسم بعد ان تمكن من التسلل من الباب الرئيسي للبرلمان وصولا للقاعة الرئيسية حيث أدى اليمين مع بقية النواب بدلا من مبروك الحريزي وهو نائب عن حزب المؤتمر من اجل الجمهورية…وكان أول تعليق لي على الخبر هو ما أشبه ليلة تونس ببارحة السودان الذي شهد قبلها مثل هذه (التسللات)،غير أن التوانسة لم يكونوا (طيبانين) مثلنا ليدعوا المتسلل يهنأ بمقعده فأخضعوه للتحقيق توطئة لمحاكمته،ويبدو أن هذا الخبر الطريف قد استوقف كثيرين غيري،منهم العزيز مصطفى البطل الذي تناوله أمس على أخيرة الغراء السوداني،حيث (سودنه) البطل ونسج على منواله عددا من التسللات السيادية السودانية،ولكن رغم سبق البطل أجد أن حظي في التعليق عليه مايزال متاحا لاختلاف زاوية التناول،اذ لم يقتصر أمر التوزير و(التسييد) عندنا على مثل هذه التسللات فحسب،بل شمل كذلك الاقالة والتعيين أو الابقاء على المنصب،كما سنرى في الرواية التالية…
قيل والعهدة على القائل إن رئيسنا الأسبق جعفر نميري رحمه الله عندما أعلن برنامج «القيادة الرشيدة» استدعى أحد وزرائه وكان مولعاً ببنت الحان ومعاقراً لها فخيّره الرئيس بين أن يتركها أو يترك الوزارة فما كان من هذا الوزير إلا أن نهض وأدار ظهره للرئيس وخرج دون أن ينبس ببنت شفة، ويقال أيضاً في الأيام تلك ربما على سبيل الدعابة انه عزم ذات مرة على تطهير حكومته ممن يراه لم يعد صالحاً للوزارة، فطلب من الدكتور جعفر محمد علي بخيت رحمه الله وكان وقتها وزيراً للحكومات المحلية أن يعد قائمة بأسماء كامل الطاقم الحكومي ويوافيه بمكتبه على جناح السرعة، دخل الدكتور جعفر على الرئيس وهو يتأبط فايلاً بالمطلوب، أجلسه الرئيس ثم أمره أن يبدأ تلاوة الأسماء ومناصبها، اسماً اسماً ومنصباً منصباً وأن يدوّن أمام أي واحد القرار الذي سيمليه عليه، تنحنح دكتور جعفر على طريقة المذيعين وبدأ اذاعة الأسماء، فلان الفلاني الوزارة الفلانية، يقول الرئيس «سيبو دا».. علان العلاني الوزارة الفلتكانية، يقول الرئيس «شيلو دا»، واستمر الحال هكذا بين «شيلو دا» و«سيبو دا» إلى أن أتى دكتور جعفر على ذكر اسمه ومنصبه هو شخصياً، قال الرئيس «شيلو دا» وهنا علت الدهشة وجه الدكتور وكادت عيناه أن تخرجا من محجريهما من هول المفاجأة الصاعقة وهبّ واقفاً كمن لدغته كوبرا وصاح في الرئيس «يا ريس الحكاية شنو أنت ماك نصيح ولا شنو»، رحمهما الله الاثنين فقد غادرا هذه الفانية بما لهما وما عليهما..
[/JUSTIFY]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي