من تجارة البشر.. إلى تجارة القرود!!

[JUSTIFY]
من تجارة البشر.. إلى تجارة القرود!!

للمرة الثانية خلال يومين تضبط سلطات جمارك مطار الخرطوم شحنة (بيولوجية) مهربة.. الشحنة عبارة عن (قرود)!!.. أي والله قرود سودانية.. في طريقها هي الأخرى للخارج.

الشحنة المهربة تتبع أسلوباً مثيراُ.. عن طريق تجارة الشنطة.. القرود تخدر فترقد هانئة مطمئنة في حقيبة يحملها (تاجر القرود) عبر منافذ السفر والموانئ إلى أن يصل البلد المستهدف وهناك يوقظها.. وقيل إنها غالية الثمن تكفي شحنة واحدة منها لنقلة مالية مقدرة.

إذاً دخلنا في مرحلة جديدة.. فبعد (تجارة البشر) وصلنا مرحلة (تجارة القرود).. وبعد أن كانت قائمة صادراتنا في الماضي تتشرف بسلع نقدية رفيعة السمعة.. مثل القطن والزيوت والذرة والسمسم والثروة الحيوانية الماشية.. دخلنا عصر (القرود).. الثروة الحيوانية (الناطة!!) بدلاً من الماشية.

الذي يدهشني ويحيرني.. ماذا تفعل سلطات الجمارك بالقرود المضبوطة.. لو كانت شحنة واحدة ربما لأهدتها إلى حديقة الحيوان (أن وجدت).. لكن كل يوم شنطة قرود.. أين يمكن تخزين هذه الشحنات البيولوجية المزعجة (النطاطة)؟؟

وطالما أن سلعة (القرود) مرغوبة جداً في دول أخرى.. وعندنا منها قطعان كبيرة.. فلماذا لا تنظم الدولة تجارة القرود وتسمح للمصدرين بوسيلة نقل صادراتهم بصورة حضارية و(صاحية) دون الحاجة لتجارة الشنطة (القردية!!) هذه.. فهي تشكل مخاطر على السلامة الجوية.. هب أن الطائرة تأخرت.. وأفاقت شحنة القرود من المخدر.. ألا يشكل ذلك تهديداً لحياة ركاب الطائرة التي تحمل حقائب القرود..

ثم هناك الخطر الصحي. فالقرود حاملة لأمراض خطيرة وآخرها (ايبولا) المرعب الذي يجتاح دولاً تكثر فيها قطعان القرود.. ألا نشكل تهديداً للصحة العامة الدولية عندما تنشط (تجارة الشنطة) القردية.. وربما ترتد علينا هذه الأمراض من الدول التي نصدر إليها هذه الشحنات.. ففايروس ينتقل من القرود إلى الإنسان.. والإنسان هنا هو التاجر السوداني صاحب الشحنة الذي حتماً يعود إلى بلاده عودة الأطفال من المولد في قصيدة شاعرنا المجذوب (وردوه بالشوق وعادوا بالغبار)..!!

قد تبدو هذه السطور ساخرة.. لكن الحال الذي وصلنا إليه أكثر سخرية.. صدقوني بكل يقين الواقع الذي نكابده لا يتفق مع مؤهلات بلادنا الغنية بكل شيء.. ولا يتسق مع تاريخنا الثري بكل مقومات الحضارة والأفق المستنير.. ما الذي جرى لبلادنا؟؟

أي مستقبل مخيف تحتضنه الأيام الحبلى بكل عجيب..

عندما يصل الحال ببعض المواطنين تهريب (القرود) في طائرات ركاب.. فهذا ليس محض خبر جنائي أو اقتصادي أو حتى طريف.. هو صافرة إنذار تدوي مع سابقاتها.. وتؤكد أن هناك خطأ ما.. خطر ما.. وأن المطلوب الانتباه قبل فوات الأوان.

انتبهوا أيها السادة.. قبل أن تأتي مرحلة تهريب (البشر) في حقائب السفر بالمطار..

[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]

Exit mobile version