في ظل الأوضاع الأمنية المتردية وتلك المعيشية البائسة التي يعيشها الشعب الصومالي، فإن صراع الساسة حتى وإن كان عبر المؤسسات والوسائل الديمقراطية يصبح ترفا غير مقبول، ويثير قلق المجمتع المحلي والإقليمي قبل الدولي من أن استنزاف الجهود في الصراعات السياسية من شأنه تقويض جهود العودة التدريجية لحالة الاستقرار المفقودة بالصومال.
جميل أن يحسم الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء خلافاتهما عبر اللجوء إلى البرلمان الذي صوت لصالح سحب الثقة عن الحكومة، ولكن الأجمل أن تتاح للحكومات الصومالية المتعاقبة المدعومة من المجتمع الدولي أن تتاح لها الفرصة للعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الصومال، فحجب الثقة عن حكومة عبدي وإلى شيخ أحمد لم يكن الأول من نوعه ولن يكون الأخير، فعبدي نفسه تسلم الحكومة بعد حجب الثقة عن حكومة سلفه عبد فرح شيردون في ديسمبر من العام 2013.
ومنذ أكثر من شهر، تشهد الصومال توتراً سياسياً بين الرئيس الصومالي، ورئيس الحكومة، إثر إجراء الأخير تعديلاً وزارياً قال الرئيس الصومالي إنه “لم يعلم به”. وفي نهاية أكتوبر أجرى رئيس الوزراء الصومالي تعديلات وزارية، أثارت حفيظة شيخ محمود، الذي رفض هذا التعديل ووصفه بأنه “غير دستوري”، ودعا أعضاء الحكومة المقالين إلى عدم الانصياع لتلك التعديلات. واتهم الرئيس الصومالي رئيس وزرائه بـ “عدم احترام الدستور والإقدام علي خطوات بشكل انفرادي وبدون العودة إلى رئيس البلاد”، مثل تعيين وزراء وإقالة قادة أمنيين وتعيين آخرين.
من جهته، قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، إنه سيجري مشاورات مكثفة لتكليف رئيس وزراء جديد في أسرع وقت ممكن وأضاف الرئيس الصومالي، في بيان صحافي، إثر حجب البرلمان الصومالي الثقة عن رئيس الوزراء، أن الطريقة التي تعامل بها البرلمان الصومالي مع الخلافات الداخلية، تدل على قدرة المؤسسات الصومالية على حل خلافاتهم داخليا، من دون الذهاب إلى الخارج لتسوية الخلافات السياسية. وأشاد محمود، برئيس الوزراء المنصرف وفريق عمله على ما أنجزوه من مهام خلال الفترة الصعبة الماضية، داعيا مؤسسات الدولة والمواطنين إلى تكريمهم.
وشدد الرئيس الصومالي على أن ما جرى في قاعة البرلمان لا يشير إلى غالب ومغلوب، موضحاً أن الشعب الصومالي قادر على تحقيق تطلعاته لاستكمال الدستور، ولإجراء انتخابات في عام 2016.
هذا الكلام من الناحية السياسية ممتاز ودليل عافية عند المقارنة بطرق حل الصراعات السياسية بين مكونات قمة الهرم السياسي في الكثير من البلدان العربية والأفريقية، ولكن لخصوصية الوضع الاستثنائي الذي تعيشه الصومال منذ عقود فإن هذا العراك السياسي يبدو في غير المعترك الرئيس وهو استباب الأمن وتوفير سبل العيش الكريم.
صحيفة اليوم التالي