من الأشياء القليلة التي تسعد المرء هذه الأيام من بين ركام أخبار أحوال وأهوال الوطن؛ أن تكتشف أن هناك جهدا شبابيا خالصا وأصيلا ومجددا في مجال من مجالات الإبداع بشتى ضروبه، ومجلة (جيل جديد) الإلكترونية واحدة من هذه المجهودات الشبابية المفرحة؛ التي تؤشر على أن الحياة في هذه البلاد ماضية ومتجددة رغم كل المحاولات البائسة لوأدها ولاغتيال روح الإبداع داخل إنسانها هذا الصبور الجميل. و(جيل جديد) مجلة متنوعة وإن امتاحت أغلب نصوص كتابها الشباب من منهل السرد ونحت صوب الكتابات الناقدة، وهي كتابات في مجملها تعكس معرفة عميقة وتمكنا احترافيا من فن الكتابة رغم حداثة كل الكتاب؛ الذين أغلبهم ما زالوا طلابا في الجامعات، وربما من هنا جاءت التسمية لتطابق الواقع.
بالرجوع لأرشيف المجلة نجد أن أول أعدادها ظهر في العام 2007، وقتها كانت عبارة عن صحيفة حائطية يصدرها طلاب بجامعة البحر الأحمر، لتستمر هكذا فترة مقروءة بين الطلاب ومحررة بأقلامهم، إلى أن انتقلت إلى الإنترنت لتصدر في شكلها البديع الحالي نصف شهرية؛ ولتتسع بالتالي دائرة مقروئيتها، وتكتسب أصوات جديدة كاتبة، وتحقق تلاقحا مطلوبا ومحفزا مع أجيال أخرى سابقة.
راشد يسلم، القاص والشاعر الشاب، وأحد كتاب (جيل جديد) الراتبين، يقول إن “الكتابة في المجلة ورشة حقيقية لصقل الكتاب الشباب والرقي بمستوى كتاباتهم من خلال الالتزام الدائم بالمشاركة في كل عدد”، ويضيف: “يكتب في المجلة شباب من مختلف الجنسيات (الغالبية من السودان) في شتى صنوف الكتابة الأدبية من القصة القصيرة إلى الخاطرة والمقال.. والنصوص الشعرية باللغة العامية والفصحى”.. إذن هذا مختبر إبداعي دوري ابتدعه هؤلاء الشباب وعوضوا به غياب الدورية المتخصصة والورش الإبداعية المباشرة، وأداروا في ما بينهم (إنتاجهم) وأفكارهم واقترحوا الطريق.
استوقفتني نصوص مأمون الجاك، وطلال الطيب وحفيظ الحاج وهاشم صالح وإبراهيم جعفر، فالقصص القصيرة التي يكتبونها تجعلك مطمئنا على هذا الشكل من الكتابة السردية؛ فروح المغامرة والأصالة تطبع كتاباتهم وتخرجها من دائرة النصوص القصصية الشائعة والمتشابهة تقنية وموضوعا ولغة، هذا إلى جانب بقية الكتاب (الشباب) ونصوصهم التي تأخذ ذات المنحى الأصالة.
ختام: هذه دعوة حقيقة لتصفح مجلة (جيل جديد) الإلكترونية والتعرف على هذه التجربة الشبابية الملهمة.
استدراك: (جيل جديد) ستحدث نقلة كبيرة جدا في الواقع الأدبي بالسودان.. لننتظر ونرى.
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي