* قلنا من قبل إن (الحرب على الفساد) هو اسم المسلسل التركي التي بدأنا مشاهدة حلقاته في فترة فائتة، ثم سرعان ما نسي الناس المصطلح والشعار، فكل سياسي حاذق يمتلك ناصية حسن البيان وأدوات (المواكبة) ولغة العصر ومفردات دغدغة وجدان الجماهير.. يحدثنا عن اجتثاث جذور الفساد ونسف رموزه وتخليص البلد من قبضته.. تسمع تصريحات قادة المعارضة تكاد تجزم بأن الحكومة غارقة في الفساد من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها، وعندما تتابع تصريحات المسؤولين تتحسس (جيوبك الفارغة) وينتابك شعور بأنك أحد المقصودين بهذه الحرب الشعواء، وربما تتوجه (طوعاً) لتقديم إبراء ذمة في ميدان عام.. فإذا كانت الحكومة ستحارب المفسدين في الأرض فهذا يعني أنها ستتخلص من نصف وزنها، لأن الفساد إما من منسوبيها أو تحت رعاية بعض نافذيها أو استشرائه تم نتيجة (غفلة) من وضعتهم لمراقبة وحفظ موارد البلاد وحقوق المواطنين.!!
* أشرنا إلى أنه ليس مهماً إعلان (الحرب على الفساد) أو توقيع (اتفاقية السلام) مع قادته، ولكن المهم حقاً ألا تلوك الدولة الحديث عن الفساد دون اتخاذ خطوات عملية وإجراءات حاسمة.. وأن تدخل جيوش الحرب كافة أوكار المفسدين وتدقق في ملفاتهم ومشاريعهم مهما كبرت أسماؤهم وعلا وزنها، حتى لا يصبح الحديث عن تجفيف منابع الفساد مجرد (دعاية سياسية) واستهلاك يهدف لتخدير الناس ومواكبة الدعوات المنطلقة من حولنا لتحقيق ذات الهدف، فحينها سيصبح (عين الفساد) في الدعوة لإعلان الحرب على الفساد، لأن الحديث سيضحى مثل لفافة التبغ ندخنها ولا يصيبنا منها سوى المرض .!!
* الفساد السياسي سوس ينخر في عظم البلاد وله تأثيرات اقتصادية وإفرازات اجتماعية وإشارات فنية عبر سقطات غنائية .!!
*عندما كنا نقول إن الأغنيات الخادشة للحياء لا تمثل سقطة فنية بقدر ما أنها تمثل عورة اجتماعية، فأننا ننبه لخطر مطربين يفارقون خط الأخلاق وأدخلوا المجتمع في نفق ضيق .!!
*من يردد أغنية فاضحة على الملأ لن يبالي إذا نشرت الصحف خبر القبض عليه وهو يرتدي ملابس نسائية في حفل مشبوه (فالمبادئ لا تتجزأ) .!!
* لماذا نندهش من خبر اغتصاب معلم لتلميذته يوم الجمعة داخل أحد مكاتب المدرسة، أو القبض على مطرب فضيحة الصافية رغم قناعتنا بأن وقائع الفساد الاجتماعي والانهيار الأخلاقي والتدني الفني والسقوط الغنائي مجموعة عناصر لسبيكة واحدة .!!
* من يترك بناته يشاهدن فيلماً سينمائياً خلع رداء الاحترام لن يخشى عليهن من (حرامي القلوب) وما يصدره المغنواتية الشباب من غناء كامل الثقوب والعيوب.!!
* كثير من الأغاني الغربية المصورة التي تشاهدها بعض الأسر في (جلسة ما منظور مثيلا) تمثل (حالة تلبُس) على الشاشات، والكل تعود على ذلك.!!
* لعن الله التعود والتساهل الذي يبدأ (ثقباً) ثم سرعان ما يصبح شلالاً.!!
* لا يمكن الحكم على هذه الظواهر الفنية بمنأى عن الجوانب النفسية والتغييرات المجتمعية والأوضاع السياسية .!!
* الأسر التي كانت بالأمس (محافظة) وتجد حرجاً عندما يضغط أحد الشباب على أزرار الريموت ليأتي بالقنوات التي تبث مثل هذا النوع من الأغنيات وتكربجه بسياط حارقة.. أصبحت اليوم لا تمنح الأمر أدنى مساحة اهتمام.. (والسبب أنهم تعودوا وكفانا الله وإياكم شرور ذلكم الاعتياد).!!
* المجتمع يحتضر.. والفساد الأخلاقي يزدهر.. والبعض يذهلنا بدهشته لنبأ الحكم بإعدام معلم اغتصب تلميذته .!!
* صبية منزوعو الخشونة يرفعون أياديهم اللينة بطريقة مخجلة للعربات بعد منتصف الليل .!!
* المجتمع يغير جلده يوماً تلو الآخر.. والأب الذي كان (ينهر) ابنه عندما يبدي شيئاً من ليونة ونعومة ويطالبه بالاستقامة لأنه رجل.. بات الآن للأسف الشديد يطلب من الابن المدلل منحه (لبانة) من الجيب الخلفي.. الأب الذي كان يزجر ابنته لأنها ترتدي ملابس ضيقة ترسم جسدها وتظهر مفاتنها.. لم يعد يفعل ذلك لأن الأم باتت تردد اليوم ما كانت تقول ابنتها بالأمس :
(اللبس دا مافيهو حاجة.. وكل البنات لابسات كدا).!!
* الآن، ثمة تغيير يحدث ولكن في هدوء تام رغم صخب تلك الحوادث.. نحن نلتف حول ذاك التغيير.. ونبدأ في رحلة التعود عليه ولا نشعر بأن هناك كارثة.!!
* المشاهد التي نراها في الشارع والمناسبات والأزياء التي تظهر بها الفتيات تجعلنا نلوم (منتجي الأغاني الساقطة) إذا خذلوا هذا القطاع العريض ولم يقدموا أعمالاً منزوعة القيمة الفنية والأخلاقية.!!
* (المجتمع بخير) عبارة يرددها معظم الذين يعيشون داخل مجتمع لا يعرفون عنه شيئاً.!!
* القصة أكبر من غناء.. والمأساة أشد إيلاماً مما نرى.!!
نفس أخير:
* من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام..!!
[/JUSTIFY]ضد التيار – صحيفة اليوم التالي