عصفت الخلافات بالائتلاف الحكومي في إسرائيل وبدلا من أن تسفر المشاورات داخل الائتلاف عن تسوية الخلافات انتهت إلى قرارات استخدمها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فجرت الوضع تماما، حيث أصدر قراره بإقالة وزيري المالية يائير لابيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني لأنهما أكثر من ينتقد الحكومة، وهما أعضاء فيها متهما إياهما بالعمل على تقويض سلطته رئيساً للوزراء، ومضى نتنياهو إلى أبعد من ذلك بحل الكنيست (البرلمان) والدعوة إلى انتخابات مبكرة هي الواقع مبكرة جدا، لأن أمد الحكومة الحالية يمتد حتى العام 2017.
واللافت أن نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء الثلاثاء لإعلان هذه القرارات، لم يقدم أي تبرير لحل الكنيست والانتخابات المبكرة أكثر من انتقادات الوزيرين بحكومته اللذين أقالهما، ولكن مراقبين يرون أن الدعوة إلى الانتخابات المبكرة قرار اتخذه نتنياهو منذ فترة، وكان ينتظر إخراجا مناسبا، فالخلافات داخل الائتلاف الحكومي بلغت مرحلة لا يحتملها نتنياهو. فحكومة الائتلاف الحالية التي تتكون من أحزاب (الليكود، البيت اليهودي، إسرائيل بيتنا، يوجد مستقبل، وكاديما) جاءت بحسب رئيسها نتنياهو من أجل أهداف ثلاثة محددة، وهي: البناء في القدس، والاعتراف بيهودية الدولة، ومكافحة الإرهاب!
لكن نتنياهو وجد معارضة من لابيد حول البناء في القدس وحول الاعتراف الفلسطيني بهودية الدولة الإسرائيلية شرطاً للاستمرار في المفاوضات السلمية، أما ليفني التي تمسك بملف التفاوض مع الجانب الفلسطيني جرمها الكبير أنها قابلت بعض الشخصيات الفلسطينية بشكل منفرد.
والخلاف الرئيس بين نتيناهو ولابيد وليفني هو حول مشروع قانون يهودية الدولة الذي ينص على أن (إسرائيل) دولة يهودية لكل اليهود في العالم.
وهذا الأمر ينسف كل الادعاءات بأن إسرائيل دولة ديمقراطية، وأن مثل هذه الخلافات والقرارات بإقالة الوزراء وحل البرلمان يأتي في إطار الدستور والنظام الديمقراطي، ولكن قانون يهودية الدولة يكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل دون أن مساحيق لتجميل القبح، هذا القانون يكرس للتميز العنصري والتميز بين الأديان، ويؤكد الاحتلال، حيث لا مجال لغير اليهود، وأن على العرب الموجودين داخل الأراضي المحتلة أن يرحلوا أو يقبلوا بالعيش مواطنين من الدجة الثالثة أو الرابعة، فلا حقوق لديهم كمواطنين وليس بإمكانهم الترشح للبرلمان كما هو الحال الآن حيث يوجد عدد من النواب العرب في الكنيسيت.
هذه الأزمة داخل الائتلاف الحكومي في إسرائيل بما أنها شأن داخلي، ولكن نتائجها ستكون لها آثار على التسوية للصراع العربي الإسرائيلي، فالواضح أن نتنياهو يتجه نحو الأحزاب اليمينية المتشددة التي تعزف له اللحن الذي يريد، وهو أن ليس هناك دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.
[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآنصحيفة اليوم التالي