أحترمك أيها الحمار !!

[JUSTIFY]
أحترمك أيها الحمار !!

*ثانويتنا العامة – بحلفا – كان يحفها شجر (العوير) من كل جانب..
*كان – في نظري – أجمل (سور) لأجمل لمدرسة..
*ولكنه يبقى في نظر كثير من الناس هو (العوير!)..
*و(العوير) صفة لا تُطلق إلا على كل ما هو غير جيد أو حسن أو جميل..
*وقبل فترة هاتفني من حلفا من يقول أن مدرستنا تلك صارت عارية من سياج (العوير)..
*فسألته إن كان يعني أنها أضحت جميلة فأجاب قائلاً : (بل قبيحة جداً)..
*وفتاة (جميلة) جداً في حيّنا كانت تُنعت بأنها (عويرة) انتقاصاً من جمالها هذا..
*وآخرون يقولون عنها (سمحة لمن عويرة !)..
*وحين قبلت الاقتران بيعقوب – أستاذ الابتدائي- قال سكان الحي (لولا عوارتها هذه لكان تزوجها أستاذ جامعي!)..
*وبعد عامين كان يُضرب المثل بالزواج هذا في السعادة و الهناء والاستقرار ..
*ولم تكن – من بين نساء الحي كلهن – من تبدو أكثر من عويرتنا هذه (شبعاً عاطفياً!!)..
*وبطل رواية (عرس الزين) هو الذي كان يحبه شيخ الحنين ويناديه (المبروك) عوضاً عن العوير التي كانت على لسان أهل البلدة أجمعين عدا واحدة..
*والواحدة هذه كانت نوارة بنات البلدة بأصلها وحُسنها و(تعليمها)..
*ثم لم تكن (النوارة) هذه من نصيب أحد من فتيان القرية سوى الزين (العوير!) ..
*و(عوير) حينا – الذي أشرت إليه من قبل – كان يصيح بمفردة (عوير) كلما ورد ذكر مسؤول أجنبي تقدم باستقالته لأسباب تتعلق بـ(التقصير) خلال مناسبة اجتماعية..
*وعندما انتبهنا إلى (المغزى!) الذي جعل عويرنا يصيح بالذي يوصم به تساءلنا إن كنا نحن (العُوَرة) أم هو..
*فالأسباب التي دفعت من ذكرناهم- من مسؤولين- إلى تقديم استقالاتهم هي قياساً لما هو (عندنا) لا تستحق محض شعور بـ(الحياء!)..
*ورئيس سوداني سابق كان يوصف بأنه (عوير) استطاع أن يلعب بمكونات واقعنا السياسي كما يلعب الساحر بـ(البيضة والحجر)..
*فهو (ضرب) اليسار باليمين، ثم اليمين باليسار، ثم بعضاً من كل أولئك بالبعض الآخر..
*الجانب الوحيد ذو (العوارة) الذي يمكن أن يُؤخذ على رئيسنا المذكور تجاهله لمُكون أساسي – غير متحزب – هو الذي أشعل شرارة الانتفاضة..
*ووحيد القرن الذي يُنعت بالعوارة ثبت الآن أن عوارته هذه هي التي يعمل لها ألف حساب ملك الغابة ليحجم – من ثم – عن مهاجمته حتى وهو نائم..
*والأديب المصري توفيق الحكيم كتب مؤلفاً عن الحمار ليُثبت أن الحيوان الذي يُضرب به المثل في التخلف ليس غبياً ولا(عويراً) ولا متخلفاً..
*ومن مفردة (عوير) نتعلم – إذاً – معانٍ هي على النقيض تماماً لما يوحي به ظاهرها..
*ويكفي أن حمار سيد اللبن – مثلاً – يعرف (سكته!) بعد مشوارين أو ثلاثة فقط..
*ولكن مِن معارضينا مَن لا يعرفون سكتهم- إلى الآن- رغم مشاوير (25) عاماً..
*فإليك كامل احترامي أيها (الحمار !!!).

[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version