الآن رفعت الأقلام.. انتهى المؤتمر الصحفي إلى خبر صغير وعاجل اهتمت به الفضائيات.. محور الخبر غير المفاجيء أن الرئيس البشير، جدد مطالب حكومته بضرورة أن تشرع قوات (اليوناميد) في رسم إستراتيجية خروج من دارفور.. إنه ذات الطلب الذي دفعت به وزارة الخارجية، قبل ثلاث سنوات، وأعلنه على الملأ السفير عبدالله الأزرق، وكيل وزارة الخارجية، مؤخراً عبر مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي.
تدخل رئيس الجمهورية مساندا وزارة خارجيته في مسعاها الضاغط على البعثة الأممية لتخرج بسلام من السودان.. موقف الرئيس من القبعات الزرقاء ليس جديدا ..حيث إن معارضته لقدوم قوات أممية عجلت بخيار قوات مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.. الرئيس حدد في هذا المؤتمر أن قرار إبعاد (يوناميد) قرار سياسي صادر من مؤسسة الرئاسة.. جاء إشهار التوجيه بعد أن تلقت وزارة الخارجية انتقادات عنيفة.. النيران الصديقة التي انهالت على وزارة الخارجية جاءت من جهات شتى من بينها البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم.. هذا الدعم السياسي سيخفف من الانتقادات لوزارة الخارجية وفي ذات الوقت يرسل رسالة للعالم الخارجي بأن الحكومة جادة في إخراج البعثة الأممية المشتركة.
رسالة الرئيس الثانية كانت موجهة لحزبه الحاكم.. منذ انتخاب البشير كمرشح لرئاسة الجمهورية ممثلا للمؤتمر الوطني التزم المشير الصمت الانتخابي.. لم يتحدث البشير إلا حديثاً مختصرا أمام المؤتمر العام للحزب الحاكم.. في ذاك الخطاب توعد الرئيس مراكز القوى بالردع.. مراكز القوى المعنية هي التي حشدت صفوفها في السباق التمهيدي لاختيار الولاة.. بل كان جهدها واضحا في التفوق الانتخابي النسبي الذي أحرزه الدكتور نافع علي نافع في السباق نحو القصر الجمهوري.
الرصاصة الأولى التي أطلقها البشير هي ذاك القرار الذي جعل الأستاذة بدرية سليمان تترأس لجنة ضاجة بالنجوم.. لجنة بدرية أنيط بها سلب الولايات حقها في اختيار حكامها وإعادة الأمر لرئيس الجمهورية.. الرصاصة الثانية الموجهة ضد مراكز القوى حملها تصريح الرئيس أنه غير مقيد بنتائج انتخابات شورى الولايات التي رفعت خمسة أسماء للمركز ليفاضل بينها قبل تسمية المرشح لمنصب الوالي.
الرسالة الأخيرة كانت معنونة لكبار قادة المؤتمر الوطني الذين شرعوا من وراء الرئيس في مغازلة الإمام الصادق.. أكد الرئيس أن رئيس الوزراء السابق تواصل مع حركة تحمل السلاح، وهذا يعرضه للمساءلة القانونية.. وكان الدكتور مصطفى عثمان أمين القطاع السياسي للحزب الحاكم قد بذل وعودا من اجل تحفيز الإمام الصادق للعودة.. عزز الوعود إلى أفعال الشاب حامد ممتاز الأمين السياسي، الذي شرع في الاجتماع بقادة حزب الأمة.. على ذات المسار مضى الدكتور إبراهيم غندور حينما أكد عدم ممانعته في مقابلة المهدي في أديس ..بالطبع صورة من الرسالة ستجد طريقها لعنوان الإمام الصادق المهدي.
الآن وصلت الرسائل إلا أن العبرة دائماً في النتائج.
الكاتب : عبد الباقي الظافر
تراسيم – صحيفة التيار