عبارة )رفعت الثورة( التي أنهى بها محرر قناة الجزيرة ماجد عبدالهادي تقريره المتقن كانت معبرة جدا.. التقرير الذي أعده بمناسبة حكم البراءة الذي ظفر به الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.. بحيث لا يزال الرأي العام العالمي والإقليمي مصدوما من هذا الحكم الذي أسقط كل التهم الموجهة لنظام يرقد على عقود من الهواجس والظنون والتهم! وبهذا الحكم.. بحسب رؤية عبدالهادي.. أن ثورة بحالها هي ثورة 25 يناير تكون قد جبت ورفعت مع رفع جلسة براءة مبارك ونجليه ووزير داخليته.. فبراءة رموز عهد مبارك يعني إدانة الثورة برمتها وإبطال كل مسوغاتها وانهيار كل حيثياتها.. على أن أكثر من ثمانمائة شهيد مصري أصبحوا مجرد قتلى متهورين.. ويتساءل الكثيرون.. إن لم تجد محاكم الدولة العميقة أي دلالة لفساد.. ألم تكن عمليات إمداد دولة الكيان الصهيوني بالغاز في حد ذاتها جريمة كبرى وخيانة لا تغتفر في حق مصر والأمة كلها !!
وهذه التراجيديا المدهشة تعيدنا إلى جدلية الثورة نفسها.. ليصبح الرأي الراجح والتوصيف الأنسب لما عرفت بثورة 25 يناير بأنها لم تكن ثورة مكتملة العناصر.. بل هي أقرب لتوصيف الحالة الثورية.. لأن الثورة الحقيقية إذا أتت على دولة فإنها تزلزل الأرض تحت أقدام كل مؤسساتها القديمة.. غير أن الذي حدث في الحالة المصرية بأن الذي ذهب على إثر تلك الهبة لم يكن سوى الرئيس وأسرته ووزير داخليته حبيب العادلي.. بينما بقيت الدولة العميقة بكل أركانها تقاوم حتى ردت الأمور إلى نصابها القديم!!
على أن الثورة المصرية لم تتجاوز ميدان التحرير وبعض المهلة المحددة التي جرت فيها الانتخابات.. ومن ثم أعادت الدولة العميقة قبضتها على الشارع من جديد.. واندهشت يومئذ.. وكنا لحظتها في دورة تدريبية بمؤسسة الأهرام الإعلامية ..بأن الثورة المصرية التي حبست أنفاس العالم لم تقو على عزل رؤساء تحرير الصحف الحكومية !!
فالازمة تكمن في أن الأجهزة الرئيسية التي تنهض عليها أي حكومة في الدنيا أضحت خارج يد الثورة.. وأعني أجهزة الجيش والأمن والشرطة فضلا عن الأجهزة العدلية والقضائية ..ثم الأجهزة الأخطر التي تتمثل في الإمبراطورية الإعلامية الضخمة التي كان يمتلكها ويديرها رجال أعمال مبارك !!
ولو أن الرئيس المخلوع حسني مبارك سيتوجه بعد خروجه المشرف من الحبس لشكر جهة ما ساعدت في انتزاع حريته.. لكانت هذه الجهة بامتياز هي هذه الإمبراطورية الإعلامية !!
لم يكن للإخوان المسلمين.. الذين حصدوا خمسة استحقاقات انتخابية لم يكن بمقدورهم أن يجعلوا مقود الدولة بأيديهم ..
لم يكن لهم ما يكفي من الكوادر في مفاصل الدولة المصرية العميقة، فلهذا دفعوا الثمن غاليا.. فعلى إثر كل ضربة تحتاج الجماعة لنصف قرن من الزمان وجيل آخر بأكمله.. فرج الله كربتهم..
مهما يكن من أمر، فإن المشهد السياسي المصري الراهن يحتمل من المفارقات ما يجعل ذات الآليات القضائية التي بذلت البراءة لمبارك.. يمكن في المقابل أن تهب الإدانة إلى جماعة الرئيس مرسي الذين لم يكن لهم ذنب سوى أن انتخبهم الشعب على مدار خمس جولات انتخابية نظيفة !!
مبروك أولا لإسرائيل لخروج (كنزها) وممول تدفئة غرفها ومطابخها بالغاز المصري (الرخيص).. ومبروك لكل الشرفاء الخونة! وإلى اللقاء تحت ظلال عدالة قدسية الميزان.
[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائمملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]