جنازة واتس آبية

[JUSTIFY]
جنازة واتس آبية

نتيح المساحة اليوم لقلم الزميلة الكاتبة الروائية سارة الجاك:

توطئة

ملايين الشباب يصطفون أمام وكالة هبة جوار مستشفى مكة للتقديم لفرص عمل في مؤسسات قطرية أولها شركة قطر للاتصالات..

جامعة جيزان ووظائف لا حصر لها في عدد من كلياتها برواتب مجزية..

آلاف المغادرين يوميا عبر صالات مطار الخرطوم صوب بلدان العالم المختلفة..

كل ما سبق ذكره أثار أسئلة متعددة مثلاً:

من سيعمر السودان.؟

هل هؤلاء الفارون من لهيب الوطن إلى جهنم الغربة.. خانوه.؟

أين الوطن.؟

أين العهد.؟

أليسوا هم من رددوا:

(نحن جند الله

جند الوطن)؟

وأين سيكونوا إن دعا داعي النداء..

نسي هؤلاء أن أغلب الفارين من فئة الشباب الذين لم يرددوا نشيد العلم.. بل رددوا أهزوجات حروب متوهمة بين مسلمين وكفار.. وهؤلاء الشباب من درسوا منهجا دراسيا مختلفا.. لم يشمل نشيد الجغرافيا:

(في القولد التقيت بالصديق

أنعم به من فاضل صديق

زرنا معا حدائق النخيل في ظلها قد طاب لي مقيلي)..

منهج فيه الإنسان والكون تهيئة.. لأنهم سيطردوا ذات يوم هائمين على وجهوههم في فجاج الأرض وأنحائها.. مواطنون من الدرجة الثانية في بلاد هم وافدين إليها.. يدعمون اقتصادها ويزهرون الثقافة فيها.. تمت تهيئتهم ذات بدء ثم.. دفنوا سنوات عمرهم وهم أحياءً.. مواطنون من الدرجة العاشرة، إذا لم يصنفوا مارقين عن السلطان، هم الآن مارقون من السودان، فقد غسل أكل المرقة معداتهم وأمعاءهم..

لا تتحاملوا على طالبي العيش الحلال خارج جحيمكم هذا.. يجب أن ندعو لهم بالتوفيق والسداد.. حقيقة الأمر أن كلا منكم يتمنى فرصة كهذه ترحمه ومن يعول، أو تعينه على تحقيق أحلامه بالعيش الكريم.. لكن النفاق مرات والحسد مرات وأسباب أخرى تحول بين رؤيتكم لحقائق الأمور.. أما السودان وحاملو لواءه والمنتفعون بخيره.. ومن حفظوا نشيد علمه عن ظهر حب.. هم من يجب عليهم مراجعة ما يمكن فعله بمليون ميل مربع ناقص مساحة الجنوب المفصول أو المنفصل.. هم من يجب محاكمتهم.!

سألت الجدة حفيدتها عن أبنائها، أجابت الحفيدة:

عمي أحمد في كندا، عمي محمد في بريطانيا.. وأبوي المسكين في السعودية.

كانت الجدة تسأل وبصوتها وهن وهم:

وإخوانك وين.؟

موزعين بين أبوي وأعمامي يا حبوبة.

وبتلموا وين.؟

في (قروب الواتس) يا حبوبة.

(أها أنا كن مت بشيلوني كيفن ويدفنوني وين).؟

تمتمت الفتاة دون أن تسمعها الجدة:

(إلا يشيلوك يا حبوبة ويعملوا ليك “دليت”).

سارة الجاك

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version