اذاعة دبنقا…ما تعضي

[JUSTIFY]
اذاعة دبنقا…ما تعضي

حلوف يملأ خشمك صوف

لم أفهم أو بالأحرى لم استحسن التصريحات التي ظل مسؤولو وزارة الاعلام يطلقونها جهارا نهارا حول فشل مساعيهم لحجب اذاعة دبنقا أو على الأقل التشويش عليها، بعد خبرها المكذوب أو المزعوم عن اغتصاب قوات حكومية لمائتي سيدة وفتاة بقرية تابت من أعمال ولاية شمال دارفور، وهو الخبر الذي ما يزال صداه يتردد وردود أفعاله تتواصل، فمثل هذه التصريحات برأينا لن تكسب الوزارة منها ولن تفيد القضية في شئ،بل العكس ستضر بها أيما ضرر،بينما من يكسب من هذه التصريحات غير الموفقة في تقديرنا هو اذاعة دبنقا، ولسبب بسيط هو أن الأكاذيب والتلفيقات لا تحارب بالحجب والتشويش بل بدحضها بابراز الحقائق وتلك بدهية أضحت من المعلوم بالضرورة في زمان الفضاءات المفتوحة والعالم الذي لم يصبح غرفة صغيرة فحسب، بل جهازا ضئيل الحجم يسعه الجيب،فالفكر لا يحارب بالمنع والحجب، والخطأ لا يهزمه سوى ايراد الصحيح،وذلك ما نوقن أن وزير الدولة الشاب ياسر يوسف والوزير الشيخ أحمد بلال يدركانه جيدا،ثم أن مهمتهما الأساسية والأصيلة ليست هي أبدا متابعة ورصد أداء وسائل الاعلام الخارجية والأجنبية وحتى السودانية التي تبث من الخارج من اذاعات وفضائيات ومواقع الكترونية، لحجب ما يستطيعون حجبه منها والتشويش على ما يتمكنون من تشويشها،فهما بالدرجة الأساس مسؤولان مسؤولية مباشرة عن ترقية وتطوير أداء أجهزة الاعلام المحلية الرسمية وذلك هو ميدان عملهما ومناط تكليفهما،علما بأن الاتجاه العام في العمل الاعلامي في العالم ينحو الان حثيثا باتجاه الغاء وزارات الاعلام وترك مهمته للمجتمع،وعليه فان مسؤولية الوزيرين ليست عن أداء دبنقا السالب بقدر ماهي عن سلبية أداء الأجهزة الرسمية الذي جعل غالب أهل دارفور يمنحون أذنهم لغيرها…

المعروف أن اذاعة دبنقا التي دشنت نشاطها الموجه خصيصا لدارفور في العام 2008،أخذت اسمها من المثل الدارفوري الشهير (دنيا دبنقا دردقي بشيش)،والدبنقا إناء مثل الزير يصنع من الطين لأغراض الحفظ والتخزين، وبعد أن يملأ بما يراد حفظه لأوقات الشدة والأيام السوداء تتم )دردقته( برفق وحذر خوفاً من أن ينكسر إلى مرقده الآمن للاستفادة من المخزون أوقات العسرة والضيق، والمثل في معناه العام يعني أن التعامل في هذه الدنيا لا يحتاج إلى الاستعجال والتشدد بقدر الحاجة إلى الحكمة والترفق والمهلة،ويبدو أن هدف الاذاعة من اتخاذ هذا المثل مسمى لها هو أن تصل الى رسالتها برفق وأن تتغلغل في المجتمع المستهدف بتمهل،وعطفا على توجهات وزارة الاعلام الساعية لحجبها أو التشويش عليها في أضعف الايمان،لو كنا لها من الناصحين فلن نزيد عن مثل دارفوري اخر يقول(ما تعضي حلوف يملأ خشمك صوف)، والحلوف لمن لا يعرفونه هو حيوان بري قريب الشبه بالخنزير المعروف محليا في بعض مناطق السودان ب(الكدروك)،والمعنى الذي نقصده بهذا المثل واضح، وهو أن الوزارة لو نجحت في حجب هذه الاذاعة أو التشويش عليها، فانها لن تنال من هذا الاجراء الا مثل الذي يناله من يعض الحلوف،وهو أن يمتلئ خشم الوزارة ومن يشايعها الرأي بالصوف…

[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي

Exit mobile version