فوجئ الذين يمرون فوق (أجساد) الطرق القومية في مساء وليس صباح الخميس الماضي بأن رسوم العبور قد تضاعفت 300% وليس 200% كما تردد من قبل. لاحظ مساءً وليس ليلاً أو نهاراً، كأنها انقلاب هاشم العطا رحمه الله؛ فيبدو أن متخذ القرار موقن بأن فعلته هذه لا تقل خطورة عن الانقلاب العسكري من حيث الأثر النفسي. المهم في الأمر لحظة التطبيق تراكمت العربات أمام المعابر، فأصحاب العربات الخاصة بُهِتُوا إذ عليهم دفع 13 جنيها بدلا من ثلاثة حتى ولو كان الواحد منهم طالع من الباقير الوراني وماشي الباقير القدامي، لأن محطة العبور تفصل بينهما. سائقو الشاحنات والبصات الكبيرة التي تملكها الشركات لا يحملون إلا الرسوم القديمة فهل يدفعون من جيبهم هذا إذا كان لهم جيب. سائقو الحافلات قالوا للركاب: (تدفعوا الفرق الآن وبعد ذلك سوف نضعها على التذكرة) ليجنوا من ذلك مكسبا جديدا.
كما يقولون (شن جدة على المخدة؟ كيس جديد ولا تنجيد؟)، ماذا فعلت الجهة المسؤولة عن الطرق؟ هل أعادت تأهيل الطرق؟ هل ردمت الحفر؟ عفواً، هل أزالت الشوارع من الحفر؟ هل قامت بتوسعة الطرق؟ ثم نسأل السيد البرلمان: هل لديه علم أن هناك ثروة هبطت من السماء على المركبات وأصحابها؟ هل سحبت الزيادة في أسعار المحروقات التي أجازها البرلمان؟ هل خفضت جمارك قطع غيار السيارات؟ هل تم توقيف كل الصفافير التي على الطرق والتي يذهب ريعها للتجنيب و(بقت) على رسوم العبور فقط؟ هل انخفضت معدلات التضخم في البلاد؟ بس ورونا الجد شنو عشان تزيدوا الرسوم دي؟ هل الحكاية مزاج وبس؟ هل هناك جهة خاصة تصب فيها هذه الرسوم وتريد أن تكبر كومها؟ الطرق بنيات أساسية ومكلفة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنشأ بهذه الرسوم حتى ولو ضوعفت مائة مرة. أقصى ما يمكن أن تفعله هذة الرسوم هو أن تسهم في إدارة هذا المرفق وتملأ جيوباً أخرى؛ لكنَّ هذه الجيوب لا تشبع على طريقة ما فيش حد من حد وأنا ما بفسر وأنت ما تقصر
قطاع النقل من أهم القطاعات فيما يتعلق بالتنمية والخدمات، وهو كله الآن يقع العبء فيه على القطاع الخاص والدولة لا تكتفي بالنظر والفرجة عليه بل تضع عليه من الجبايات والضرائب ما يكسر ظهره بدلاً من تشجيعه والآن بالرسوم الجديدة، تريد أن تقضي عليه بالقاضية وليس بالنقاط ليبقى لقطاع النقل بصات الوالي وقطار عطبرة / الخرطوم أبو أربع عربات؟ فما أبرع هذه الدولة في دس المحافير! وما أغرب قراراتها التي تُتخذ دون دراسة أو شورى أو حتى فهم، إنما بطريقة (أخنق فطِّس).
في الهند ومن أجل نهضة زراعية حقيقية أعطي قطاع النقل حصانة لم تتوافر حتى للعربات الدبلوماسية، إذ يُمنع منعاً باتاً إيقاف أي سيارة تحمل محصولاً زراعياً وإجراء مخالفة مرورية، مهما فعلت، حتى ولو كان جوال أرز واحد، وكذا أي سيارة تحمل منتجاً حيوانياً، حتى ولو كان جلد خروف، لكن تعال شوف عندنا تتوقف إن شاء الله يوم كامل من أجل دفع زيادة غير مبررة لرسوم حتى ولو كانت تحمل بطيخاً معداً للتصدير والسفينة في انتظاره في الميناء أعوذ بالله.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]