بالفعل كنت قد انتويت امتلاك سلاح مرخص، ولكن ضيق ذات اليد حال دون ذلك وستبقى النية قائمة في انتظار تحسن الظروف التي نأمل أن تتحسن لا أن تسوء أكثر، هذا عن نفسي على المستوى الشخصي، أما عن بقية خلق الله في بلد الله السودان، أذكر أن كاتب الانقاذ الأشهر وأحد أهم كتاب الاسلاميين اسحق فضل الله ،الذي نظن أنه موصول بالأجهزة السياسية والأمنية و(التحتية والباطنية) للمؤتمر الوطني ومطلع على كثير من خبايا دهاليز تلك المؤسسات، كان قد نصح الأمة بشراء بنادق عبر مقال أذكر جيدا أن عنوانه كان (اشتر بندقية)، ولكن لا أذكر جيدا مناسبته فربما كانت تلك الأحداث الدامية التي عرفت اصطلاحا بمسمى (الأثنين الأسود) التي أعقبت مقتل الراحل قرنق في حادث الطائرة المشؤوم،وما تلا الاثنين الأسود في (الثلاثاء الكالحة)،أو ربما كانت أحداث مأساوية غيرهما، المهم أن فوضى أمنية كانت وراء نصيحة اسحق لسكان العاصمة بامتلاك أسلحة يزودون بها عن أرواحهم وأملاكهم وأعراضهم ويذبون عنها كل شرير، وعلى ذكر الأعراض أذكر أيضا أنني قبل نحو ثلاثة أعوام كنت قد وقفت على معاناة أهل شمبات أحد أعرق أحياء بحري مع جرأة وقلة أدب اللصوص، حكاها لي لفيف من أهلها الاصلاء وذلك حين اجتاحت الحي موجة من السرقات النهارية والليلية، وليت الامروقف عند حد السرقة لكان ذلك أهون على رأي المقولة الشعبية (الجاتك في مالك سامحتك )، ولكن كيف السماح اذا بلغ الامر مرحلة (ميتة وخراب ديار) على رأي مثل آخر، اذ لم يقف الامر في شمبات عند السرقات فحسب بل تعداها الى تهديد العروض خاصة في الغارات النهارية لهؤلاء اللصوص عندما يفرغ الحي من الرجال ويستفردون بالنسوة يطلبون (المجامعة) بعد ان يجمعوا ما يجدوا من متاع ومال، هذا غير القصص اليومية التي لا تخلو منها الصحف المتخصصة وصفحات غير المتخصصة تحكي عن اضطراد مستمر في كم الجرائم وتطور دائم في نوعيتها وكيفية ارتكابها…
بالأمس حملت الصحف أحد الأنباء التي تقف كشاهد اضافي على مستوى الجرأة والاستخفاف بالسلطة التي بلغها المجرمون عند تنفيذ جرائمهم،ذاك هو نبأ اقتحام مسلحين لمكتب تاجر بشارع الجمهورية في قلب العاصمة وفي منطقة تعج بالحركة والناس وفي وضح النهار وعلى (عينك يا تاجر) وينهبون منه مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه ويهربون بسلام، وهذه الحادثة بكل جرأتها ووقاحتها واستخفافها تعيد للأذهان حادثة الاعتداء على رئيس تحرير صحيفة “التيار” الزميل عثمان ميرغني، الذي هاجمه ملثمون بمكتبه في رمضان الماضي قبل أقل من ساعة من موعد الإفطار الرمضاني، واعتدوا عليه وهو صائم بالضرب إلى أن فقد وعيه، وأيضا وقعت الحادثة في منطقة في قلب العاصمة بل وعلى مرمى حجر من القصر الرئاسي رمز السلطة ومراكز الشرطة ورئاستيها الاتحادية والولائية، واذا قرأنا كل هذا المشهد مع التصريح الشهير لوزير الداخلية في البرلمان الذي استصعب فيه ادارة أمن العاصمة حين قال (هناك عبء اضافي يقع على شرطة ولاية الخرطوم.. فالعاصمة ساكنيها حوالي (8) مليون نسمة..وتأمينها ومنع وقوع الجرائم بها صعب) فهل يعمل الناس بنصيحة اسحق ويشتروا بنادق و(الرهيفة التنقد) أم ماذا في جعبة السلطة؟…
[/JUSTIFY]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي