يحكى أن (سرير الرجل الإيطالي) هي واحدة من روايات الروائي المصري الشاب محمد صلاح العزب، كما أنها تمثل أنموذجاً مثالياً للكتابة الروائية الجديدة في مصر. العزب قبل هذه الرواية كان قد أصدر رواية (وقوف متكرر)، وهي الرواية التي صوبت عليه أضواء النقاد ليأتي في روايته الثانية (سرير الرجل الإيطالي) ويؤكد دقة تصويبات وقراءات النقاد بتعويلهم على كاتب موهوب ومتمكن يرجى منه الكثير لمستقبل الرواية المصرية بصفة خاصة والعربية بشكل عام. (سرير الرجل الإيطالي) هو ذاك السرير المكون من دورين الذي يقبع بشقة الراوي الذي يجاور بسكنه فيها شقة الطالبات (داخلية) ويحيا مع تخيلاته وذكرياته وأوهامه ممزوجة بأطياف ومذكرات الرجل الإيطالي؛ وما يتسني له من صور مسروقة خلسة عبر فتحات (الشيش) حين يتلصص على البنت ذات الذراع الواحدة بشقة الطالبات وهي تمارس طقوسيتها تساحقاً مع بقية الطالبات، كل يوم لطالبة، أو هكذا توهم الرواية (الذهنية) الحادة.
قال الراوي: الرواية صغيرة الحجم، مضغوطة الفضاءات والأمكنة والأزمنة تبدو وكأنها (وسواس قهري) حاد منسكب حبراً على الورق، فبطل الرواية وراويها الأوحد يسلم القارئ مفاتيح (يومياته) اللا منطقية منذ أولى صفحات الرواية؛ مستخدماً ضمير المتكلم حاد الإغواء، ثم أسطر قليلة حتى يتبين للقارئ (المشارك والمتفاعل) مدى التوهم المبثوث عبر صفحات الرواية في شكل صور متناقضة ومتعاكسة تتخذ لإنكتابها المراوغ أحداثاً ووقائع تبدو وكأنها تصورات (حلمية) ذات يقظة، أو كأنها اشتغالات حادة لـ (ذهن) أنهكته (بارنوايا) الذات وأعملت فيه معاولها هدما وتكسيراً.
قال الراوي: يبدو الرجل الإيطالي في الرواية وكأنه (محرك خفي) للأحداث وذلك من خلال المقاطع المفتاحية (عالية الشعرية) التي تسبق كل فصل من فصول الرواية، مع الإشارة لكونها (مقتطفات) من النص المقدس للدين السري للـ(الرجل الإيطالي)، كما تبدو (حركية) الرجل الإيطالي الشبحية داخل شقته السابقة وكأنها تأكيد رمزي على عمق تأثير هذا (الكائن) على حياة الراوي وعالمه الصغير المنغلق انفتاحاً على العالم الكبير من خلال المد (التواصلي المفترض) لمقتطفات النص المقدس للدين الخاص للـ(الرجل الإيطالي)، ذلك الدين الذي يتخذ من الجسد (أيقونة) تعبدية مقدسة.
قال الراوي: الرواية وهي تنساب في تناقضية (مذهلة) تهدم الأحداث حدثاً تلو الآخر تجعل من الرجل الإيطالي والراوي والبنت الساحقية ذات الذراع الواحدة وكأنهم شخصية (فصامية) تتبادل (شخصياتها) بحسب الحالة (الذرائعية) لهذه الشخصية المربكة، فالرجل الإيطالي نجده أحياناً يضاجع البنت ذات الذراع الواحدة بعد أن أبدل ذراعها مع زوجته ذات الشامة الجميلة بأعلى شفتها، وقد نجد الراوي أحياناً يضاجع (ذات الشامة) زوجة الرجل الإيطالي بعد أن بتر ذراعها وألصق شامتها بشفة البنت ذات الذراع الواحدة، كما قد نجد الراوي وهو يشك بزوجته التي لم يتزوجها بعد، أو وهو يضاجع أنثى تشاركه باصاً لم تستغله أبداً.. إنها رواية الذهن الحاد والارتباك والتخيلات المتراكمة.
ختم الراوي، قال: قد نعود لـ(سرير الرجل الإيطالي) مرة أخرى حتى نتلمس (شذوذاته) الماحقة.
[/JUSTIFY]أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي