*إنه علي.. (مك) الإبداع الإنساني.
*الإنسان الموسوعي المستنير..
*إنه القاص الشاعر المترجم.. الباحث.
*وفوق كل ذلك يمتلك روحاً ممتلئة بالمعشر الطيب وفيض روح الدعابة..
*العاشق لأغاني الحقيبة والمتيم بالشامخ الفنان (أبو داؤود) والهرم الساطع خليل فرح.
*إن لم تخني الذاكرة وكثيراً ما تخون.. أليس هذا زمان (خيانة) الفن والأدب والاقتصاد والرياضة وقبل كل ذلك (الوطن)؟!
*ففي النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وبمكتب الأمين العام للملجس القومي للآداب والفنون الشاعر مبارك المغربي التقيت أستاذنا علي المك وجهاً لوجه.
*وكنت أتأبط مجموعتي القصصية (اتكاءة تحت عيوني حبيبتي) دافعاً بها للنشر ضمن إصدارات المجلس.. التي كانت وقتها نافذة مهمة لمبدعينا..
*وعلمت من أديبنا المغربي – حسب إفادته لي – أنه لا بد لي من مراجعة مخطوطة مجموعي القصصية قبل طباعتها تفادياً للأخطاء سواء من ناحية اللغة والنحو والإملاء أو الإخراج الفني.
*أو تكليف من ينوب عني في هذا الأمر.. وكنت وقتها في بدايات حياتي العملية بدار الهاتف بسنار.
*وهنا انبرى أستاذنا الجليل علي المك للقيام بهذه المهمة على أن تصله (بروفات) المجموعة القصصية في مكتبه.
*قاص مثلي وفي مقتبل العمر وإقليمي قح.. ومع ذلك يجد قامة إبداعية تعلن وفي جدية عن اهتمامها بـ (تصحيح بروفات) نصوص قصصية له.. فيا له من موقف هميم ساطع بالتواضع.
*وموقف آخر لمبدعنا على المك محفور على جذع معدنه الثقافي الأصيل وما تحفل به سيرته الوضاءة.
*حينما كان يعد كتابه (مختارات من الأدب السوداني) اتصل بي هاتفياً و(استأذنني) بأن (أسمح) له باختيار قصة قصيرة لي يضمنها كتابه ذاك.
*فوقفت العبرة في حلقي.. الأستاذ علي الملك بجلاله قدره الأدبي.. (يستأذنني) في نشر قصة لي في كتاب من إعداده!!
* يا لها من شفافية ومصداقية.. وكان ذلك من معجزات ذاك الزمان الباذخ في (سماحته).. فتأملوا.. رعاكم الله.
*وما هذا بكثير على من كانت الاستزادة من العلم هي هدفه وشاغله الذي ظل أميناً له ويغشاه حتى رحيله بنيو مكسيكو التي غرس فيها وتد خيمة توق في الطقس المعرفي عنده.
* في واحد من الحوارات التي أُجريت معه أشار أستاذ علي المك إلى أن من غرائب النقد الأدبي أن يهتم بإصداراته القصصية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أن يهتم بها أديبان من الأقاليم ويقدمان عنها مقالات أدبية قبل أن يتناولها النقاد بالعاصمة..
*وكان يقصد بذلك شخصي الضعيف (السناري) والأستاذ مجذوب عيدروس من (مدني) قبل أن تأخذنا (نداهة) الخرطوم وتغرقنا في دوامتها.
*ها هي ذكرى رحيل نوارة الأدب والفن علي المك – 22 عاماً – تأتي وتمر هذه الأيام.. وتجاهل لهذه الذكرى في صحفاتنا السيارة وفي أعلامنا المسموع والمرئي.
*أزعم أنها ليست حالة (عدم وفاء) إنما (فقدان ذاكرة)!
*وكما ردد علي المك في رثاء العالم أحمد بشير العبادي: (اهـ.. ما أجل الأسى)!!
[/JUSTIFY] صورة وسهم – صحيفة اليوم التالي