كثيرا ما أترقب انفصالي عن أرض الواقع.. أتوجه إلى أعلى بأقصى طاقة.. أنتظر لحظة الإقلاع دائماً.. أترقبها.. أترصدها.. استنفر حواسي كافة.. السمع مرهف إلى هدير محركات قلمي كل ما يطرأ عليه من تدرج.. تصاعد.. ثم انطلاق ثم ما يجري بعد الإقلاع.. النظر مصوب على مدرج أفكاري.. أرقب أول نظرة حبر تنساب من قلمي.. أجدني من جديد أصمت.. يتملكني شعور مليئ بالحيرة والتساؤل وتبدأ الكثير من الأفكار في تسلق أعماقي والكثير من الأسئلة التي تتضافر بين أسطر الاستفهام، وأسطر التعجب.. تحاول أن تتشبث بأناملي، وأن تشرب الحبر المنساب من روحي لعلها تجد أجوبتها أو لعلها تروي ظمأ دهشتها من فقدان التركيز بسبب حالة التوهان التي انتابتني وأنا أُحلق في فضاء أحلامي حين تختفي أحلامي.. تحط أفكاري ولكنها لا تخرج إلا في ظلام الليل.. على الرغم من التفاؤل الذي أحسه في هذا السواد الذي يسكنني.. لكنها تخرج في كل صباح، فيتطهر وجه أحلامي بماء واقعي وأحط في مدرج حياتي لأمارس أفضل هواياتي لقواعد لغة القدر الأخرس محاولة مني في أن أكون متوازنة فوق هذا الخط الرفيع جداً الذي يفصلني عن واقعي وحقيقة كوني مجرد امرأة مجنونة أو طبيعية لي الحق أن أصرخ في بعض الأحيان وأحيانا أجدني أهز أفكار الماضي فوق فراش المستقبل لكي تنام بسلام كطفل وديع داخل طوق الأحلام الوردية..
وفي وقت آخر أفزعها في ذروة انخمادها لأصرخ في وجهها أنها ليست سوى مجرد بائسة متشردة فوق أرصفة الصبر.
أعلم أني أعلم ما يجول في خاطري أني بتُ أُدرك أن هذا الحبر ملوث بمس جنوني هو (أنا) يدمدم في كل سطر بتعاويذ أحرف.. وكلمات وجمل.. لا تستوعبها سوى صفحات خرساء.. تسير كل ليلة ثملة فوق شوارع تُشرد الأفكار الإنسانية.. وتتوجه إلى مطارات تهرب من خلالها الأحلام.. تائهة.. متشردة.. ساقطة من أعلى أبراج الأمل ومبعثرة في ذرات فضاءات التيه والحيرة ومدفونة في آخر نقطة من بحار الماضي..
حقيقة لم أعد استوعبني ولم أعد أحتويني كما كنت.. فقد فقدتني منذ زمن لم تعد له ذاكرتي تلتفت..
ألوان شتى تُغرقني.. وكأني داخل لوحة تتغير ألوانها كل يوم وكل شهر وكل سنة من العمر المغترب الذي يزورني..
لم يزل الوقت كما كان وكأن الساعات انكسرت وباتت عقاربها تعاندني لتضرب قلبي بكل دقة صدق يتفوه بها قلبي.. ولم يزل قلبي يُقبلُ صدري يتوسل أضلعي أن تعتصره بقوة ليتوقف عن التنفس.. عن تنفس تلك الأحلام الباردة لعله يتخلص من التجمد الذي أصاب أركان كيانه.. أتوه حول فكرة الضياع الذي يأكلني في كل يوم حيرة يمر بها عمري محدقة في خطوط التجاعيد المرسومة بدقة في كل أنحاء وجودي.. يتزايد تعبي من البحث عني وأعرف في قرارة نفسي أنني أقبع هناك عند حدود الذاكرة.. ولكن هناك نبض تفاؤل مازال في خلايا دمي.. فعلى الرغم من كل المعاناة التي أتكبدها في كل مرة أسافر بها مجتازة كل حالات الإقلاع والهبوط إلا أنني دوما عندما أحط في محطات الوصول ألملم كياني أُشكله كيفما أُريد.. ألعب بألوانه حسب طقسي النفسي.. أمطره شتاء بسحبي وأكسوه خضرة بربيعي.. أنطلق إلى محطات لا حدود لنبضي بها ولا حواجز تعترض خيالي..
** ملاحظة
بعض الأشياء التي نشعر بها
حينما يشتد تعذيبنا.. لا نعرف لها أسماء..
[/JUSTIFY] لبنى عثمانكلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي