يحكى أن طمأنينة طيفية عابرة، ظللت شعب البلاد الكبيرة لعقد ونيف من الزمان البترولي السمهري الرغد، زمن غابت فيه الأفكار المختلجة اغتراباً والمهاجرة أمركة لتحط في أرض البلاد الكبيرة آمنة مطمئنة.
قال الراوي: جراحة قسرية أطاحت بطيف الطمأنينة وشتت رغد العيش المتوهم وشتلت من جديد في الذاكرة أفكار الاغتراب اختلاجاً وهجرة متأمركة. فالبلاد الكبيرة قسمتها (ماسورة) معطوبة نفطاً وأعطبتها (ماسورة) منصوبة رصاصا؛ فكان الفرار.
قال الراوي: الزمن السبعيني المغلف بسولفان (الجمال) استعادته أجيال الواتساب والفيسبوك وهي تتبعثر في الفضاءات المفترضة بحثاً عن عيش ولقمة، فكانت من جديد هجرات واغتراب.
قال الراوي: السيارات بيعت وحلى النساء وقطع الأرض (المخزنة) لسنوات القحط.. خرج الصحفيون، الأطباء، المهندسون، أساتذة الجامعات، مغنيو الحفلات، باعة الطماطم، رعاة الماشية، السائقون.. الصحفيون تأبطوا عقودات (باعة الطماطم) وسافروا، الأطباء استحقبوا عقودات (رعاة الماشية) وهاجروا، أساتذة الجامعات ساقتهم عقودات (السائقون) واغتربوا، باعة الطماطم، ورعاة الماشية والسائقون تعاقدوا مع الوهم وفروا.. صوب (الاختلاج). الجميع كان هناك.
ختم الراوي؛ قال: تقول النكتة أن الأسد بعد أن ضمن عقد عمله حلَّ سعيدا بقفصه في حديقة حيوان بلاد الاغتراب، وحلم بالكبسة ولحومها وطيورها.. في يومه الأول ناوله الحارس قطعة موز، في يومه الثاني ناوله الحارس قطعة موز، وفي يومه الثالث ناوله الحارس صباع موز فأخرج يده وجذب الحارس من خناقه وسأله من أنا؟ فرد الحارس أسد، فسأله مرة أخرى وماذا يأكل الأسد؟ قال الحارس لحم، فابتسم الأسد وقال له إذن لماذا تأتيني بالموز؟ فأجابه الحارس لأنك جئت بعقد قرد.
استدرك الراوي؛ قال : هل صحيح أن هناك مخططا مرسوما لإفراغ البلاد من ناسها وأنهارها وأشجارها، هل يمكن أن يكون هناك مخطط (فعلي) يهدف إلى محو البلاد من البلاد؟
[/JUSTIFY]أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي