اقتنيت عدد مجلة تايم لـ 5 – 12 مايو المنصرم، ودخلت به البيت، فإذا بزوجتي تصرخ: ألا تستحي يا رجل؟ تدخل على عيالك وفي يدك مجلة بلاي بوي؟ قلت لها: حاشا أن اقتني مثل تلك المجلة، ولكنها انتزعت المجلة من يدي وصاحت: وماذا تقول في حبيبة القلب هذه؟ فنظرت إلى غلاف المجلة، فإذا بكامله صورة للمطربة الأمريكية السوداء بيونسيه ناولز بلباس يكشف عن معظم جسدها الملغوم، وبيونسيه مطربة من الدرجة الأولى وتملك حنجرة تحرك جلاميد الصخر، وتحرك تضاريس جسدها شبه العاري على نحو يجعلك تستحضر قول شاعر السودان الكبير محمد المكي إبراهيم: أنثى من اللحم الصقيل توهجت خصبا/ وضج النسل في أعضائها.
لتكن بيونسيه سيدة الطرب في أمريكا وبلجيكا وصربيكا وكوستاريكا، ولكن أي منطق وأي إنجاز يجعلها تتصدر قائمة أكثر مائة شخصية مؤثرة في العالم، ومن بينهم أوباما، ومستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، والبابا فرانسيس، ورجال وسيدات لهم ولهن باع طويل في مجالات الأعمال والاختراع والسياسة والفكر (تضم القائمة شخصيات عربية قليلة: عبد الفتاح السيسي قبل أن يصبح رئيسا لمصر، والشيخة المايسة بنت حمد آل ثاني لدورها في بناء جسور للتواصل الثقافي بين الشعوب وإنشاء العديد من المتاحف المتخصصة في قطر، والسوري الجسور المناضل عبادة القدري – ربما الكدري – مؤسس إذاعة «الوطن» أحد أقوى أصوات المعارضة من داخل الأراضي السورية، وبإمكانك متابعة تلك الإذاعة عبر www.facebook.com/fm.watan وأبو بكر البغدادي – الشهير بـ «أبو دعاء»، بوصفه أحد أبرز قادة تنظيم داعش في العراق وسوريا وذلك قبل أن يعلن قيام دولة الخلافة).
إذا كنا أنا وأنت جزءا من العالم في الزمن الراهن، ونتابع أحوال الكون، بل نقيم في أكثر مناطقه غليانا، فكيف كان لبيونسيه نفوذ وتأثير على حياتنا؟ وبما أن معظم العرب لم يسمعوا بها، ولكن سمعوا بنانسي عجرم ومنهم من يرفع يده بالدعاء: اللهم عجرم نساءنا، فهل يجوز لنا – قياسا على شعبية العجرمية بين شبابنا – أن نقول إنها من تستحق أن تكون في قائمة أكثر عشرين مليون شخصية مؤثرة في العالم العربي؟ وكان هناك في قائمة مجلة تايم تلك، لاعب كرة القدم البرتغالي كرستيانو رونالدو، الذي فاز عن استحقاق وجدارة بالحذاء الذهبي بوصفه أفضل لاعب كرة قدم في العالم العام الماضي؟ وهو بالتأكيد لاعب ذو قدرات ومهارات فذة، ولكن لنفترض أنه فاز بحذاء من اليوارنيوم المخصب في مجال كرة القدم، ويستطيع إحراز أهداف في مرمى الفريق الخصم حتى وهو نائم!! ما الذي يجعله شخصية مؤثرة على مستوى الكرة الأرضية؟ ما الإعجاز في تسجيل شخص ما للأهداف الكروية طالما تلك حرفته ويتقاضى نظيرها مبالغ مهولة لم يتبرع بفلس منها لخلع ضرس مسوس، حرم برتغاليا فقيرا من النوم سنوات، ولا يملك دولارا واحدا لشراء مسكّن للألم.
ولو قلنا إن بيونسيه أفضل مطربة أمريكية بلا منازع، فماذا نقول عن مايلي سايراس التي كانت ضمن قائمة المائة في مجلة تايم، فهي أيضا مطربة، ولكنها لم تلفت انتباه الإعلام العالمي إلا عندما أحيت حفلا وهي «لابسة من غير هدوم»، كما قال الممثل المصري عادل إمام عن الراقصة القتيلة، التي كادت تقوده إلى حبل المشنقة في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة»، والشاهد يا أعزاء هو أننا لا نحل ولا نربط، وليس لنا كلمة في شؤون العالم المتعولم، ولكن تعالوا نتساءل: كيف نستنكر وصاية الإعلام الأمريكي علينا، ولا كلمة لنا حتى ونحن نرى بلداننا تحت الوصاية الأمريكية في جميع النواحي والمناحي؟
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]