شغب الفتاوي والاجتهاد

مع كثرة المنابر الخطابية وكثرة وسائل الأعلام بما فيها من أذاعات وقنوات وصحف صارت الفتوي أقرب الي الطلب وفي الحال تسأل وتجد الأجابة المباشرة فكل خطيب صار فقيه وكل ذي علم محصور صار يخترق مجالات الفقه العميقة التي يتشاور حولها أهل الأختصاص زمنا طويلا ولكنها عند أولئك صارت في الحال تفيد السائل وتضر القاعد وتصيب لآخرين بالضرر وأحيانا بالأجحاف.
ومنابر الدعوة في تعددها صارت أقرب للتمايز وللتشيع الذميم فتحريم شئ من لدن طائفة قد يصادف تحليلا مشروعا لدي طائفة أخري وفي بلد واحد لاحظ في بلد واحد والفتوي تخرج مباشرة دون سابق ترتيب وأنما أمر قد بني علي الفجأة والفجأءة الحالية التي تجعلك تستغرب فيها لأن الفتوي لم تبني علي التدريج التحريمي وأنما بنيت في الأساس علي التحريم الحسمي والقاطع.
من في بلدنا لم يسمع بتجاذبات المولد وواجب الأحتفال به وبيوم الرجبية ومايدور فيه وحتي يوم عاشوراء واختلاف الصيام حوله قبلا . وغير ذلك من الفتاوي التي وقف الناس أمامها متسمرين فما بين التحليل والتحريم تمايز الناس بل وتشايعوا يطعنون في التحريم ويمشون في صف الحلال البين وأعتقد كل ذلك نتج من الدور الغائب لدي هئية العلماء المناط بها أصدار الفتوي وتبييين الحلال من الحرام وذلك قطعا للطريق للخطيب غير الفقيه وصاحب العلم المحدود وغيرهم من أخراج الفتوي وأشاعتها بين الناس فالفتوي عندهم في سهولتها كشرب الماء علي الريق ولكنها كانت عند عمر بن الخطاب عسيرة يجمع لها أهل بدر بحكمتهم وتزكية الله فيهم ورضاهم عنه (وأعملوا آل بدر ماشئتم فقد غفرت لكم )
نحتاج لضبط الفتوي وعرفة كل عالم لقدر نفسه فليس عيبا في عالم أن أفتي بقلة علمه وأرشد لصاحب العلم لخير السائل وخير المسلمين ليس نقصا في العالم أن يجهر بمحدودية علمه وتخصصه ولكن العيب والنقصان يكمن في التصدي لأسئلة السائلين والأفتاء لهم بالحلال والحرام برأييه فقط وليس كما يري جمهور العلما ء وأصحاب الشأن والأختصاص.
فتاوي كثيرة صارت تخرج أقرب للطلب حينا من التقصي والتروي ثم الأفتاء الشرعي والفتاوي عندما تخرج هكذا تطرح جملة من الأسئلة أكل من ألتحي ولبس العمامة وأرتقي المنبر خطيبا أو واعظا يحق له الفتوي في كافة القضايا بلاأستثناء أيبقي معيار الفتوي في أمام مسجد أسلم الناس له صلواتهم فأستأثر بالصلاة والفتوي واليه يرجع الأمر في التحليل والتحريم أم بالبلاد هئية تضم داخلها العلماء الأجلاء الذين يرن في أجتماعهم في الفتوي رحمة وفي أختلافهم الخير السديد .
ولكن الفتاوي تخرج في كافة القضايا وصاحب الفتوي لايتقيد بأختصاص ولابحدود علم فكما سئل فضيلته في مسألة فعيب عليه أن لايعلم لأن ذاك بظنه قد يقود الي قدح الناس فيه بقلة العلم والفقه وعندي أن القدح بقلة الفقه أهون من الضلال والتضليل .وأحد السلف يري أن مثل هولاء يستحقون السجن تماما كالسارقين لأن السارق يسرق منك مالك وذاك يسرق منك دينك .

مهدي ابراهيم احمد

Exit mobile version