تحت قبة البرلمان اليوم

[JUSTIFY]
تحت قبة البرلمان اليوم

اليوم، وعند الحادية عشرة صباحاً تنطلق دورة الانعقاد العاشر للهيئة التشريعية القومية بالمجلس الوطني، والتي يخاطبها السيد المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية، والتي نعتقد أن خطابه فيها سيكون مختلفاً عن خطاباته في الأيام الماضية التي حفلت بنشاط حزبي ملحوظ بدأ منذ عدة أشهر داخل أروقة وعلى كل مستويات حزب المؤتمر الوطني، تمخض في النهاية عن المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني الذي انطلق في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري، واستمر حتى الخامس والعشرين منه.

خطاب الرئيس البشير لن يكون خطاب رئيس حزب، أو مرشحه للرئاسة، بل سيكون خطاب رئيس دولة أمام الجهاز التشريعي، ولن تحبس قباب وحيطان وأسوار المجلس الوطني، كلمات السيد رئيس الجمهورية، بل ستتجاوزها لتصل إلى كل أهل السودان.. كلهم من منسوبي الحزب الحاكم، مروراً بالموالين والخصوم السياسيين، وانتهاء بحملة السلاح.. كما أن عيون العالم الخارجي سترصد وتتابع لأن السودان ومن واقع مجريات الأحوال فيه، سيشهد تحولات كبيرة في مجالات السياسة وفي الأوضاع الأمنية التي تواجه مهددات كبيرة وضخمة أولها الفقر وليس آخرها التمرد.

اليوم ـ وهذه رؤية خاصة ـ سيشهد البرلمان بمجلسيه حدثاً تاريخياً بإيداع التعديلات المقترحة على الدستور بشأن تعيين الولاة، وهي قضية شغلت وما زالت تشغل الوسط السياسي منذ أمد ليس بالقصير.

التحدي الكبير الذي يواجه الحكومة العريضة الآن بكل مكوناتها، ويواجه المؤتمر الوطني على وجه الخصوص سيكون «موعد» و«شكل» و«مستوى» الانتخابات العامة المقرر لها أبريل من العام الميلادي الجديد «2015م» وهو ما يرفضه كثير من المعارضين وحملة السلاح، وما عادوا يأبهون بمقولات القيادات في الحزب الحاكم، بأن الانتخابات ستجرى وتتم بـ «من حضر».. قطعاً إن الأمر سيكون منقوصاً، وستفتقر النتائج التي يحصل عليها الفائزون بمقاعد البرلمان إلى الاعتراف المعزز للفوز من قبل الخصوم، وإلا أصبح حال المؤتمر الوطني كحال الذي يحرث في بحر السياسة «!»

البعض يرى أن تقوم الانتخابات على مستوى رئاسة الجمهورية ـ ونحن مع هذا الرأي ـ وأن تتضمن التعديلات المقترحة في الدستور هذا الأمر، على أن يظل موعد هذه الانتخابات الرئاسية قائماً في أبريل المقبل، حتى لا نواجه فراغاً دستورياً إذا ما حاول خصوم النظام ومعارضو الحكومة فرض آرائهم الخاصة بتأجيل الانتخابات كلها ـ جملة وتفصيلاً ـ خاصة وأن السودانيين ينتظرون مؤتمراً عاماً للحوار في الأشهر القليلة القادمة، ويعولون عليه كثيراً.

وأما بخصوص الانتخابات العامة على مستوى أعضاء المجلس الوطني ومجلس الولايات والمجالس التشريعية الولائية فإننا «نتوقع» ولا «نجزم» بأن تتضمن التعديلات الدستورية المقترحة تحديد فقرات تنص على «تعيين» أعضاء تلك المجالس «البرلمان والمجالس التشريعية» لمدة عامين وذلك بعد الاتفاق مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، حتى يجد الجميع فرصتهم في الوجود السياسي والتشريعي الحقيقي من داخل البرلمان، مهما كان حجم الحزب أو التنظيم السياسي.

ونتوقع أيضاً أن تتضمن التعديلات المقترحة «تعيين» الولاة من قبل السيد رئيس الجمهورية، لا «انتخابهم» على اعتبار أنها مسؤولية الرئيس المنتخب والحزب معاً، وفي هذا «مخرج» من «ضلالات» سياسية «قبيحة» تتمثل في «التكتلات» الجهوية، والاستناد على قبلية «تفجّر» من المشكلات وتعقّد أكثر مما تحل أو تعين، إذ أضحت هي «المشكلة» ولم تكن هي «الحل» على الإطلاق.

لا بد لنا من أن نشيد بالتصريحات الهادئة للدكتور الفاتح عز الدين المنصور رئيس المجلس الوطني، تلك التصريحات التي تنم عن وعي سياسي، وحكمة وإدراك واسع لتبعات ما يصدر من رجل في مكانته يعبّر عن مجلس يجمع أهل الحل والعقد في السودان.. هو جماع حكمة القيادات الاجتماعية والمجتمعية والسياسية.

وقبل أن نختم هذا المقال لا بد من الإشارة إلى حديث جرى بين كاتب هذه المادة، وبين السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن في «نيروبي» بدولة كينيا قبل نحو شهرين، أبديت من خلاله تحفظات كثيرة على تطبيق الحكم الفيدرالي والممارسات الناتجة عنه، خاصة في جانب «المحاصصة» التي تعمق مفهوم القبلية حتى في اختيار ممثلي الدولة الرسميين، الأمر الذي أخرج القبلية من قمقمها، وأضعف هيبة الدولة، وضربت مثلاً بأنه من المؤسف أن يولد مواطن في ولاية ما ويدرس كل مراحل تعليمه العام في مدارسها، ويلتحق بجامعات تلك الولاية وربما أصبح موظفاً عاماً وممثلاً للدولة، وهو لم يرَ أبعد من حدود ولايته.

في تلك الرحلة ذكر السيد نائب رئيس الجمهورية ما أثلج الصدر حقاً، بأن الحكومة الآن بصدد مراجعة عامة للدستور والقوانين، خاصة مسألة الاحتفاظ لكل ولاية بحصتها في المناصب العامة، بدءاً من منصب الوالي وحتى أصغر موظف أو عامل في مدخل الخدمة المدنية، ولكن دون إلزام بأن يكون الوالي من ذات الولاية.. وذكرت للسيد نائب رئيس الجمهورية أن بلادنا شهدت في مراحل وعهود سابقة تعيين حكام وولاة ومديرين من خارج الولايات التي عهد إليهم بحكمها، وفي أذهاننا أن السيد «جيرفس ياك» كان محافظاً للخرطوم، مثلما كان الدكتور حاج آدم والياً للشمالية، وقد كان من أنجح الولاة هناك.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]

Exit mobile version