أثار (مانشيت) صحيفة “التيار” قبل يومين جدلاً جماهيرياً ومهنياً.. المانشيت كان (البشير رئيساً للسودان لولاية جديدة).. العقلاء والأذكياء فهموها (وهي طايرة)، وعرفوا أننا نقصد أن كل قطار الإجراءات القادمة منذ اجتماع مجلس شورى المؤتمر الوطني وحتى اكتمال الاقتراع في الانتخابات في أبريل 2015 سيصل إلى محطة معلومة.. لغياب المنافسة الحقيقية داخل وخارج المؤتمر الوطني.. أي تحصيل حاصل.
بصراحة الطريق مسدود أمام المعارضة في الوصول إلى صيغة (تفكيك) لنظام الإنقاذ- كما تحلم- عن طريق جدلية الحوار الوطني وبالحيلة واللعبة المسماة حكومة انتقالية.. ولم يبقَ للمعارضةبشقيها- العاقل أو المتعاقل إلا حكاية (سلم تسلم).. الخيار صفر، وهو خيار غير معلوم النتائج، وجربته المعارضة ووجدته (شعراً بلا رقبة).
ما زلت مصراً أن هناك حلاً علمياً وعملياً قابلاً للتطبيق..(الحل الرشيد) الذي أقترحه يتجاهل تماماً الشق المتعلق بالحكومة السلطة التنفيذية، ويركِّز على السلطة الثانية التشريعية باعتبار أنها مفتاح التغيير في البلاد.. فإذا كانت الحكومة هي (hardware) فإن السلطة التشريعية هي الـ (software).
الخطوة الأولى: إجراء تعديل دستوري بسيط يجعل البرلمان يقوم على نظام الانتخاب النصفي.. بمعنى انتخاب نصف البرلمان كل عامين.. بموجب هذا تستمر هذه الانتخابات عادية جداً ولكن لتكملة نصف البرلمان فقط والإبقاء على النصف الآخر.. يتعهد حزب المؤتمر الوطني طواعية بأن لا يشارك في هذه الانتخابات ويترك أحزاب المعارضة- وحدها- تتنافس لتحتل نصف مقاعد البرلمان.. ليصبح البرلمان مكوناً نصفه من المؤتمر الوطني والنصف الآخر من أحزاب المعارضة.
هذا الوضع يسمح للمعارضة بممارسة معارضة دستورية إيجابية؛ باقتراح القوانين والتشريعات والرقابة على الحكومة.. ويسمح بمشاركة حقيقية في صناعة المصير السوداني، ويصبح لا حاجة إلى حكاية الحوار الوطني ولجنة 7+7؛ لأن الحوار هنا تحت قبة البرلمان بتمثيل نيابي دستوري.
وكما قلت لكم سابقاً في أكثر من مناسبة المحصاصة في مجلس الوزراء هي مجرد أوهام.. فالمجلس الموقر ليس له صلاحيات سيادية رديفة لكلمة الحكومة التي تتوهمها المعارضة.. فنظام الحكم في السودن رئاسي.. الحكومة هناك في القصر الجمهوري وليس في مجلس الوزراء.. وعندما تطالب المعارضة بالدخول في الحكومة تحت مسمى انتقالية فهو محض رغبة وطمع في الجاه وقسمة الثورة وليس السلطة والأجدر التفكير بحصافة فيما ينفع البلاد.. إعادة هيكلة السودان وفق وضع دستوري ينجب تشريعات وقوانين يتراضى عليها الجميع.
هذا(الحل الرشيد) سهل جداً، وفي نفس الوقت صعب جداً.. سهل؛ لأنه قابل للتطبيق بكل يسر.. وصعب؛ لأنه يحتاج إلى نفوس لا تنظر إلى الماضي، وتضع المستقبل نصب عينيها.. نفوس تتألم لحال الأجيال الحاضرة والقادمة، التي يقتلها الظماء والماء فوق ظهورها محمول.
إذن لماذا لا يتحرك قطار أهل (اللحم والرأس)؛ للبحث عن بديل آخر، ينتشل البلاد من عمق الجب.. أي أن تتفتق عقول (العقلاء
عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]