تنتهي الذواكر في بعض جوانبها الى لا شئ ان لم تكن حاضتها للتثبيت من مكانة المحتوى وتبقى بعض التفاصيل قوية التعمق والتمسك والتعلق بموقع التذكر والتهيؤ للاستحضار لم يكن خيالا «جدي وحبوبتي» يفارق ذهنيتي اليومية في فرضية الشئ بالشئ يذكر فقد تشبثت ذاكرتي بهما في ماض محفوف بالمحبة والاحترام والحضور.. لم يكن جدي لأبي ببعيد لأنه كان محفل اليوم من بعده اليوم تلك القفة الكبيرة المتروزة بالخيش من الداخل والخارج المخاطة باحكام الصبر كنت حفية به ومعه عند العصاري في جهد (فرز الليمون) كبار.. وسط.. صغير لذلك يشدني اليوم كل من أراه بائعا لليمون بل وأعشق عصير الليمون الممصور باليد فقد كانت كل مقوماته حاضرة في منزل جدي رحمه الله وكانت عمتي نادية تتفنن حتى في استخدام صفق الليمون في تنكيه الشاي فمن جدي عرفت ان للأشياء تصانيف ودرجات وعرفت ان جلوسي على الأرض وأنا أفرز الليمون لم يكن الا تدريبا منه لي في معرفة معايير ومقاييس المفاصلة بين الأفضليات والرداءات.. شكرا لك جدي وأنت تحتضن ذاكرتي بزخم الذكرى الدائمة.
الله يسهل
وحبوبتي ايضا لأبي بذاك الجهد الانساني الذي تترع به يومها في غابر أيام صباحا مع الصاج الحار ما بين عواسة الكسرة والفطير والخروج والدخول للمخزن القاطوع الذي لا يخلو من مدخرات أو مؤن غذائية داعمة للبيت من الخروج للتسوق وللتبضع الغذائي الاستراتيجي لم تكن عباراتها من دعوات جميلات الا معينا وزادا لما أقبل الآن من أيام افتقدها بشدة زائدة وهي قد مارست العبور للعالم الآخر قبل عدة شهور وتركت من ذكرى لها ما بين عنفوان عمرها وكبره.. كبر قال الزمان به على سرير الرقاد ومحدودية الحركة اثر انزلاق ووقوع نعم حبوبتي كانت مؤثرة جدا في حياتي وما زالت عباراتها (الله يتسهل عليك) ترن هنا في اذني حيث لم يعد هناك ما يرن ويتردد من كلم وآخره في وقر الصميم أم في صدى الرجع والتردد نعم احتاج اليوم لهذه العبارة التي في لبها دعاء مبطن (الله يسهل عليك) وعلى رجاءات التسهيل من الله ما احوجني هذه الأيام لها حتى تطيب لي بعض أمور الحياة الصعبة آسف لها وأتداعى لها حيرى.. لا ناس كانت مساحات الاحتمال عندهم اكبر مما استحق ولكنهم باتوا في ضيق وحنق.. ربما أجد نفسي مضطرة حفظا لماء دافئ كان جاريا في مجاري الاستزراع والنماء حتى لا يكون الحصاد هشيما ان أقول لنفسي (الله يسهل عليك) تماما مثلما قالت حبوبتي.
آخر الكلام: اليوم أنا أكثر حفاوة وتحنانا لبيت جدي ذلك الجالوص الجميل وحبوبتي وهي تمارس الانفتاح والانغلاق على الحياة عفوا للذين باتوا يحملون ضيقا بالصدور محدودية في الاحتمال والتجمل وهنيئا لكم بهذا الجدل اللا نهائي.
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]