الثوابت !!

[JUSTIFY]
الثوابت !!

*وليس المقصود هنا ثوابت الإنقاذ التي لم يبق منها شيء سوى الإنقاذ نفسها..
*أو الإنقاذ وغالب شخوصها عدا الذين ذهبوا منهم إلى رحاب ربهم..
* أو الذين ذهبوا إلى ما وراء الستار (الوهمي!!)..
*ولكن المقصود هو شيء غير بعيد صلة بالإنقاذ هذه كما سيتضح لاحقاً في سياق كلمتنا اليوم ..
أو هما شيئان – تحرياً للدقة – (يتحركان) حركة عكسية مناقضة لمفردة (الثوابت)..
*فمما كنّا نعجب به في بدايات دراستنا للفلسفة التساؤل عمّا إذا كان الوجود ثابتاً أم متحركاً ..
*وما زلت أذكر إلى الآن محاضرة الدكتور الشاروني تلك التي تحدث فيها عن فلسفة زينون الإيلي..
ثم إذا بالأستاذ ينتصب واقفاً – فجأة – حين بيلغ الجزئية الخاصة بخداع النظر إزاء حركة السهم..
*وقد تساءلت في سري حينها ما إن كان المحاضر وقف لأنه منفعل بنظرية الفيلسوف اليوناني أم لأنه مصاب بالبواسير؟!..
*وعلى عكس زينون الإيلي كان الفيلسوف هرقليطس يتبنى فرضية صيرورة الوجود ..
*فالوجود في رأي هرقليطس هو في حركة دائبة بحيث أنه الآن خلاف الذي كان قبل لحظات ..
*كنّا في غاية الإعجاب بالذي نسمعه هذا..
*وفي الوقت ذاته كنّا في غاية التعجب أن الحياة تسير سيرها الطبيعي خارج قاعة الفلسفة..
*وحين سألت مرة جارنا يوسف إن كان (يحس) أنه ثابت أم متحرك قال إن الشيء الوحيد الذي يحس به هو ضرورة ان (أتلحق!)..
*ولـ(حقت) نفسي فلم أعد أنقل ما يدور في قاعة الفلسفة إلى الشارع..
*وإذ تصلح المقدمة هذه ـ في ظني ـ أن تكون بمثابة (فلاش باك) لما أنا بصدده الآن أقول إن حالة الشك تلك (تاورتني) من جديد..
*فقد صرت أتساءل الآن بكل براءة الدهشة التي كانت تتملكنا في بدايات دراستنا للفلسفة..
*صرت أتساءل: أثابت هذا الوجود أم متحرك؟!..
*فمنذ خمسة وعشرين عاماً عاماً وكل شيء في السودان يبدو(ثابتاً !!)..
*كل شيء يبدو كما (هو!) – طوال السنوات هذه – إلا شيئاً واحداً يصبّ في صالح فرضية الحراك التي تبنّاها هرقليطس..
*شيئان فقط هما اللذان (يتحركان!) ليدللا على أن هرقليطس كان أيضاً على حق في مقابل فرضية الثبات لزينون الإيلي..
*ذانك الشيئان هما البنايات الشاهقة التي (تتحرك!) إلى أعلى كل يوم بسرعات خرافية في عاصمتنا المثلثة..
*وثوابت الإنقاذ التي تتحرك إلى أسفل بالسرعة ذاتها حتى كادت أن تتلاشى الآن..
*سيما شعار الزهد والتقشف المُختزل في (هي لله لا للسلطة ولا للجاه!)..
*وأغلب البنايات هذه هي بفعل الذين هم (ثابتون!)..
*أي الذين بقوا ثابتين من بين كل (ثوابت الإنقاذ!)..
*أين أستاذنا الشاروني ؟!!

[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الأهرام اليوم

Exit mobile version