مع أن الحكومة النيجيرية لم تنجح في الحلول العسكرية الأمنية لأزمتها مع حركة بوكو حرام المتطرفة، فإنها كذلك فشلت في إدارة المعركة مع التطرف من خلال قرارات تبدو في ظاهرها استفزازية للمسلمين، ومبرر مع الأسف غير منطقي للحركة للمضي في مسارها الدموي لتطبيق الشريعة الإسلامية وأسلمة المجتمع النيجيرى متعدد الديانات بالقوة. ففي تزامن مثير للانتباه أعلنت نيجيريا الجمعة التوصل إلى اتفاق مع بوكو حرام على وقف لإطلاق النار. وقال رئيس هيئة الأركان الجوية في الجيش اليكس باديه “تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الفدرالية في نيجيريا وجماعة (بوكو حرام)”. وأضاف “أصدرت تعليمات لقادة أفواج الجيش للتأكد من تطبيق ذلك ميدانيا”، علما بأن النزاع أسفر عن مقتل الآلاف في خمس سنوات.
يأتي ذلك في وقت أكدت قاضية نيجيرية الجمعة حظر ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية في لاغوس، معتبرة أن القرار لا يمس حقوق الطلاب. وقالت القاضي مودبوي أونيابو إن “نيجيريا دولة علمانية والسماح بالحجاب في المدارس الحكومية في لاغوس يعد بمثابة تفضيل لأحد الأديان على غيره ما قد يؤدي إلى توترات اجتماعية”. وتجمعت نحو 200 من جمعية الطالبات المسلمات ترتدي غالبيتهن الحجاب خارج مبنى المحكمة يطالبن بإلغاء القرار.
يمكن للحكومة النيجيرية إرجاء هذا القرار خصوصا وأنه صادر في العام 2013 حتى لا تصب المزيد من الزيت على نار الفتنة التي تهدف إلى أن يأخذ النيجيريون برقاب بعضهم البعض، فهذا البلد الأفريقي يكتظ بالسكان البالغ عددهم نحو 170 مليون نسمة نصفهم من المسلمين والآخر من المسيحيين يعيشون في وئام وسلام.
الحكومة النيجيرية التي فشلت في تحرير 219 فتاة خطفتهن الحركة في أبريل، تسعى من خلال اتفاق غير معلن مع الحركة لتحريرهن مقابل الإفراج عن عناصر للحركة بالسجون النيجيرية، وهو ما تنفيه الحكومة النيجيرية، ولكنها في غمرة البحث عن مخرج لأزمة الفتيات التي تحظى بالمتابعة العالمية، وتشكل ضغطا في داخل على الحكومة، عليها أن تدرس تداعيات قرارات قد تبدو عادية مثل منع الحجاب بمدارس لاغوس، ولكن عواقبها خطيرة، وتعرقل جهود تجفيف منابع الغلو والتطرف من خلال المجادلة بالحسنى في القول والفعل، والتأكيد على أن الدولة النيجيرية التي ينص دستورها على أنها فيدرالية علمانية ليست مع أو ضد ديانة بعينها.
قرار منع الحجاب في مدارس لاغوس ربما انعكس على العملية التعليمية إذا ما أمسك بعض المسلمين عن إرسال بناتهم سافرات إلى المدارس، وهو جرم لا يقل عن بوكو حرام، التي من اسمها تعني أن التعليم على الطريقة الغربية حرام!
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي