لا أخفي عليكم أن ما جاء في القناة المصرية الرسمية من إساءات للسودان من ضيف غير محترم استضافته مذيعة مثله قبل يومين جعلني مثل الكثيرين غيري ليس لدي أدنى حرص على متابعة تفاصيل ومخرجات هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس البشير للقاهرة. حتى ولو فتحت هذه الزيارة على بلادنا أبواب كنوز الأرض.. ما لم تقم الخارجية المصرية بتقديم اعتذارها رسمياً وبشكل واضح مثل اعتذارها لملك المغرب وشعب المغرب على إساءات المذيعة أماني الخياط ووصفها للاقتصاد المغربي في قناة تلفزيونية مصرية خاصة بأنه يعتمد على الدعارة.
حينها هرولت الدبلوماسية المصرية للملمة الحكاية عبر الاعتذار الرسمي ثم الإيعاز لإدارة القناة بفصل المذيعة عن العمل.
نحن نحترم تقديرات القيادة السياسية بإتمام الزيارة برغم ما حدث في التلفزيون المصري الرسمي.. وهذا قسمنا في ما نملك وهو التعامل مع الواقع باحترام لتقديرات الآخرين أما الشيء الذي لا نملكه فهو الحرص على متابعة نتائج الزيارة أو التفاعل معها، ما لم يصدر الاعتذار الذي لم أطالع بياناً أو خبراً رسمياً من خارجيتنا يشدد على الاتجاه للمطالبة به.
ولا أعتقد أن الإعلام الرسمي في مصر يمكن أن يتجرأ على اتخاذ أي موقف خاص بحجم الإساءة إلى الرئيس السوداني قبل ساعات من حضوره للقاهرة دون أن تكون الشارة الخضراء متوفرة لديه مسبقاً على تمرير مثل هذه الأشياء.
وعلى مايبدو أن علاقات مصر مع السودان ليست ضمن الخطوط الحمراء للإعلام الرسمي المصري، وهذا وحده دليل على عدم صدق اللسان الذي يملؤك بالمدح بإحدى يديه ويكيل لك الإساءات باليد الأخرى.
مصر التي تعيش حكومتها على المعونات الخارجية والمعونة الأمريكية ليست دولة مغرية لهذا الحد حتى نتحمل (قرف) إعلامها الرسمي وهو يخوض بكل هذه الوقاحة والسذاجة واللزوجة التي تحدث بها التلفزيون الرسمي في حق الرئيس الذي يمثل رمزاً لسيادة السودان، وبالتالي فإن الإساءة إليه تعني الإساءة للسودان.
لا نزال وبرغم كل ماي حدث الآن من حيثيات وتفاصيل في برنامج زيارة الرئيس البشير للقاهرة، لكننا لا نزال ننتظر عند تلك المحطة ولن نغادرها إلا بعد اعتذار رسمي وتوضيح مقنع.
لسنا من أصحاب منهج التجاوز والتناسي والتجاهل بحجة الترفع عن الصغائر فكرامة الوطن ليست من الصغائر، والإساءة للرئيس ليست من الصغائر وليس من المفترض أن تتجاهلها الحكومة.. وإتمام الرئيس للزيارة ولو جب كل ما قبله من خلافات لكنه لا يجب مثل هذا الذي حدث، فهو لا يقبل التناسي قبل الاعتذار الرسمي.
وليقل كل من يتحدث عن كرم وحفاوة الاستقبال ما يريد أن يقوله، وليقل كل وكلاء المخابرات المصرية من الكتاب والصحفيين وصغار المسؤولين ما يريدون قوله لكن الإساءة مهما أعقبتها الابتسامات و(بكش) الاستقبال فإنه لا ولن يغني ذلك عن الاعتذار الرسمي أبداً.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي