لكل منا ميزانه الخاص في تقدير الأمور، وفق ما هو متاح له من معارف أو معلومات حول قضية ما، أو حول أمر ذي صلة بنفسه أو بالآخرين.. وهذه الموازين تكون أكثر حساسية كلما كان التغيير كبيراً، خاصة في القضايا المرتبطة بشأن الدولة في مجالات السياسة «داخلية وخارجية» والأمن والاقتصاد والمجتمع.
خلال موسم حج هذا العام، غاب كثير من السودانيين عن وطنهم، ودعا أكثرهم للوطن بأن ينعم عليه الله سبحانه وتعالى بالأمن والاستقرار، وأن يهدي أولي الأمر لما فيه خير البلاد والعباد. وقد انقطع كثيرون للعبادة وغيّبوا ـ متعمدين ـ اهتماماتهم بما يجري على ساحات العمل العام في البلاد، ليعودوا فيجدوا أن أكثر ما يشغل المواطن، هو توفير لقمة العيش، وتقديم خدمات التعليم والعلاج بما لا يؤثر على ميزانية الأسرة تعدياً على «قفة الملاح».. وتلك «مشغوليات» قديمة لكنها ثابتة ومتجددة.. أما المتغيرات الحقيقية التي برزت فوق السطح فهي انخفاض الدولار أمام العملة المحلية.. ولكن دون نتائج مؤثرة ومباشرة وسريعة على شأن المعيشة. ثم جاء ثاني المتغيرات الجديدة من مدخل «الرياضة والصحة» ونعني «تبرع» بعض قيادات الاتحاد العام لكرة القدم باستضافة نهائيات بطولة كأس الأمم الأفريقية، رغم رفض المغرب الشقيق لتنظيم البطولة في تاريخها المحدد، وطلبه بالتأجيل، لكن الذين يريدون الكسب الرخيص، حتى وإن كان ثمنه تهديد أمن المواطن والوطن صحياً لم تستوقفهم أسباب طلب تأجيل البطولة وظنوا أن لهم في تنظيمها مغانم كثيرة.. وظل المواطن ينتظر ردة فعل الدولة الرسمية بعد أن علم بأن منظمات المجتمع المدني قالت كلمتها، مؤيدة من قبل كل الناس، رياضيين وغير رياضيين.
المتغيّر الثالث هو اقتراب عقارب الساعة من موعد انعقاد المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني الذي تتحدد فيه ملامح المرحلة المقبلة، بشأن السياسات الداخلية والخارجية، والتحالفات الحزبية، والفوز بالمقعد الرئاسي، وقد كان الدكتور نافع علي نافع جريئاً ـ كعادته ـ وشجاعاً عندما كشف عن تحركات داخل الحزب من قبل بعض القيادات لتقديم مرشح بديل للرئيس عمر حسن أحمد البشير في رئاسة الجمهورية، وقال إن التحركات محدودة وفق ما نشر في صحف الخرطوم من ثنايا حوار ساخن أجري معه.
المتغيّر الثابت في شأن المؤتمر الرابع للمؤتمر الوطني هو الدفع باسم الرئيس البشير مرشحاً رئاسياً لفترة جديدة، وهو ما لم يمنعه القانون حتى الآن على الأقل.. وهكذا جاء القول على لسان بروفيسور غندور قبل يومين.
يتوقع البعض صراعاً مكتوماً داخل المؤتمر الوطني حول قيادة الحزب في المرحلة القادمة، لكن الجميع يعلم أن شراكة الجيش في الحكم باتت هي الضامن الوحيد لاستقرار أي نظام للحكم يأتي عن طريق الانتخابات، أو الاتفاق.. ونعود لنقول إن ميزان المتغيّرات هو الأكثر حساسية دون غيره من موازين.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]