جيش واحد.. شعب واحد..!!

جيش واحد.. شعب واحد..!!
قبل سنوات استقبل الرئيس جورج بوش، أسرة الناشط السياسي الآن منصور، الذي يعمل عمدة لمنطقة صغيرة في كاليفورنيا.. العمدة منصور أمريكي تعود جذوره لأسرة مصرية مسيحية هاجرت منذ زمن طويل لأمريكا.. ادمعت عيني بوش حينما عانق السيد منصور في إحدى غرف البيت الأبيض.. المناسبة كانت تكريم هذه الأسرة التي لقي ابنها مايكل حتفه في إحدى المعارك بمنطقة الرمادي بالعراق.. حيث درج البيت الأبيض على تقديم ميداليات الشرف لهذه الأسر التي قدمت فلذات أكبادها في حرب اختلف الناس في مشروعيتها وجدواها ولكنهم اتفقوا جميعا على احترام جنودهم المقاتلين في الخطوط الأمامية.. في اليوم التالي كانت دموع الرئيس بوش الشغل الشاغل لكل (الميديا) الأمريكية .
أصيبت بحزن وإحباط وأنا استمع لأخبار اعتداء مواطنين على العميد عصام مصطفى سرور قائد الفرقة (٢٠ ) بالضعين.. العميد سرور حسب الناطق باسم الجيش حاول في عاصمة شرق دارفور منع بعض المواطنين من اعتراض سبيل قطار حكومي في طريقه من نيالا للخرطوم.. العميد سرور لم يمارس شح النفس وينتقم من الذين اعتدوا عليه بل جمع قواته وشرح لهم الحادثة مطالبا منهم ضبط النفس وعدم الاستجابة للاستفزاز.
بداية أخطأت سلطات شرق دارفور حينما حاولت الإيحاء بأن اعتراض القطار لم يتم بواسطة مواطنين غاضبين ينتمون لإثنيات قبلية محددة.. أخطأت الحكومة في تأخير إصدار بيان رسمي يوضح الحادثة التي يجب أن تجد الاستهجان من كل مواطن غيور على وطنه.
في تقديري هذه الحادثة يجب ألا تمر مرور الكرام.. الاعتداء على ضابط أثناء تأدية واجبه الرسمي هو اعتداء على كل الشعب السوداني.. الجيش مؤسسة قومية تحظى باحترام كل المواطنين.. الاحترام ناتج من دور هذه المؤسسة في حماية التراب الوطني.. حيث فشلت كل حركات التمرد من إصابة السلطة عبر الزحف من الأطراف كما حدث في دول مجاورة.. لم يكن ذاك الثبات صُدفة بل نابع من التكوين القومي والانصهار الاجتماعي لهذه المؤسسة.. كما ظلت هذه المؤسسة تنحاز لشعبها كلما خرج على حاكم ولو كان من أبناء المؤسسة العسكرية.. حدث ذاك الانحياز في أكتوبر ١٩٦٤ وتكرر بصورة أوضح في انتفاضة أبريل المجيدة.
بصراحة.. الآن حدث ما حدث.. المطلوب من المواطنين في الضعين أن يخرجوا في مسيرة عفوية لمساندة قائد الفرقة التي تحرس مدينتهم.. في الخرطوم وكل مدن السودان يجب على التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إدانة مسلك الاعتداء على قائد الجيش في الضعين.. من هذه المناسبة الحزينة يجب أن نجدد شعار شعب واحد.. جيش واحد.. من الممكن أن نختلف في الرياضة ونتصارع في السياسة.. ميدان الجيش غير قابل لمثل هذه الممارسات.
على صعيد الحكومة ينبغي العمل على تقديم الجناة للعدالة مهما كثر عددهم واتسع سندهم.. وعلى قيادة الجيش أن تكرم العميد سرور الذي تحلى بروح الانضباط وروحه تتعرض للخطر.. القاعدة الوطنية تقول الجيش يجب أن يكون خطاً أحمر لأنه ساندنا في الليالي الحالكات.

تراسيم – عبدالباقي الظافر
صحيفة التيار

Exit mobile version