في مساء السبت 2 من ذي الحجة الموافق 27/9/2014م انتقل إلى جوار ربه الاستاذ عمر يخيت العوض رحمه الله رحمة واسعة.
ولمن لا يعرفون مولانا عمر بخيت، لغياب عن البلاد ما يقرب من ثلاثة عقود، قاضياً بدولة الإمارات العربية، رأيت أن أورد نبذة عن تاريخه في الحركة الإسلامية ثم القضاء السوداني ثم قضاء الامارات العربية.
تخرج عمر في كلية الحقوق جامعة القاهرة وقد كان على عهد الدراسة منتظماً في حركة الإخوان المسلمين بمصر، ثم عاد إلى السودان أواخر عام 1953 او 1954 لا أذكر بالضبط وكان طبيعياً أن ينتظم في حركة الإخوان المسلمين بالسودان التي أصبح عضواً بارزاً فيها ومن قادتها ومن أنشط كوادرها في العمل العام.
وأذكر أنه ولما يمضي على الحكومة الوطنية برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري عدة أشهر من تسلمها إدارة البلاد أذكر أن اتحاد طلاب جامعة الخرطوم قد نظم ندوة بدار الاتحاد في عام 1954 ودعا إليها عدداً من أقطاب الحكومة والمعارضة وبعض الشخصيات القومية وكان عنوان الندوة (مشاكل الحكم الوطني).
وكان من أبرز المتحدثين في تلك الندوة الاستاذ مبارك زروق وزير المواصلات آنذاك وآخرون من المعارضة والأحزاب الأخرى, وتحدث المرحوم عمر بخيت في تلك الندوة ممثلاً لجماعة الإخوان المسلمين وقد بهر المستمعون ببيانه الواضح الفصيح موضحاً وجهة الحركة الاسلامية وأهدافها ورأيها في ما يجري في السياسة والحكم في البلاد.
ثم دعا الإخوانُ المسلمين عدداً من الهيئات الناشطة في العمل الإسلامي لتكوين جهة عريضة تدعو إلى تأسيس دستور البلاد (المزمع وضعه على مرجعية الإسلام المستمدة من الكتاب والسنة, وتكونت الجبهة الإسلامية للدستور وضمت في عضويتها هيئة إحياء النشاط الإسلامي, وجماعة أنصار السنة المحمدية, وجماعة الاصلاح, وهيئات أخرى, بالإضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين وبعض الشخصيات الإسلامية أذكر منهم الشيخ عبد الله الغبشاوي والشيخ حسن طنون والمحامي الاستاذ عثمان احمد عبد الرازق والشيخ مصطفى عبد القادر، الشيخ محمد بخيت حبة من الأبيض واختير لرئاسة الجبهة حاج الشيخ عمر دفع الله واختير الاستاذ عمر بخيت سكرتيراً عاماً للجبهة.
باشرت الجبهة نشاطها في العاصمة وكونت فروعها في الاقاليم واقامت الليالي السياسية والندوات مبشرة ومذكرة بمبادئ الإسلام وداعية الجمهور إلى التمسك بدستور إسلامي تكون مرجعيته كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد كان المقرر للبرلمان أما أن يتحول إلى جمعية تأسيسية لوضع الدستور أو تُجرى انتخاباتٌ عامةٌ لجمعية تأسيسية وتتحول فيما بعد إلى برلمان بعد وضع الدستور.
ولم تكن الأحزاب الكبرى في ذلك الوقت واضعة في اعتبارها أمر الإسلام في الدستور, ولكن نشاط الجبهة الذي انتظم العاصمة والأقاليم ولقى استجابة عظيمة من عامة الناس دفع الأحزاب الكبرى لوضع اعتبار لإسلامية الدستور موافقة أو معارضة, فأيد الدعوة الحزب الوطني الاتحادي برئاسة السيد إسماعيل الأزهري وحزبا الأمة والشعب الديمقراطي.
وقد كان للراحل عمر بخيت دور كبير ونشاط واسع وبإيمانه الثابت وبيانه الواضح الفصيح كسب للجبهة منابر عدة وأصبح أمر إسلامية الدستور أمراً لا يمكن تجاوزه.
وحينما تكونت الهيئة القومية للدستور بقرار من (حزبي الحكومة) (الأمة والشعب) كان الأستاذ عمر من أبرز أعضائها والمدافعين عن إسلامية الدستور فوقف الحزب الوطني الاتحادي مع الدعوة وعارضها حزبا الأمة والشعب فسقط الاقتراح في الهيئة القومية للدستور لما لحزبي الحكومة من أغلبية الأعضاء..
وقبل سنوات وبعد عودة السيد عمر للبلاد جلست معه ووجدت ذهنه حاضراً وذاكرته قوية في سرد حوادث تلك الفترة, وأذكر أنني قد طلبت من هيئة الأعمال الفكرية أن يسارعوا إلى لقاء الأخ عمر ويقوموا بتسجيل مذكراته عن تلك الفترة قبل أن يصيبه النسيان ولا أدري هل قاموا بذلك الأمر أم لا؟
انفصل الأخ عمر عن تنظيم الإخوان لخلاف بينه وبين المرحوم الرشيد الطاهر المراقب العام للإخوان المسلمين والتحق بالسلك القضائي وتدرج فيه حتى أصبح نائباً لرئيس القضاء في العهد المايوي ثم انتدب للعمل قاضياً بدولة الإمارات العربية إمارة أبوظبي وقد علمت أنه كان موضع تقدير واحترام من الشيخ زايد حاكم الإمارات, وحسب علمي فإنه قد كان متميزاً بعدالته وجرأته في الحق وعدالة أحكامه في السودان وفي دولة الإمارات.
سلامٌ على أخينا عمر وسلام على الرعيل الأول من دعاة الحركة الإسلامية منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وسلام على شهدائنا الأبرار نسأل الله أن يتجاوز عن سيئاتهم ويثيبهم حسن الجزاء .
صلاح ابو النجا
[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائمملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]