الخطوة الصحيحة وبامتياز، هي تلك التي يمضي بها السودان الآن على ممشى العلاقات الاستراتيجية بينه والمحيط العربي بعد إزالة ما علق عليها من أغبرة سطحية لم تكن تقوى على الإضرار بسطح تلك العلاقات المطلية بماء الذهب.. فقد عاد البريق
وحين يكون المدخل هو المملكة العربية السعودية تلك البوابة الشرعية والبوابة الأم لمنطقة الخليج العربي، فإن الدخول الميمون له في هذا التوقيت وهذه الظروف التي تمر بها المنطقة يعني أن السودان يمد يده اليمنى على النية البيضاء ويختار بشكل حاسم وجهته المحددة حيث لا مجال للحياد الآن داخل معترك الدفاع عن الهوية الثقافية والدينية لهذه الأمة.
التوقيت هو التوقيت الصحيح يا سيادة الرئيس وعلاقات السودان في محيطه العربي لا تقبل التبعيض ولا تخصم علاقة السودان بدولة قطر ولا درجة واحدة من علاقاته القائمة والمأمولة مع المملكة العربية السعودية لأن دولة قطر نفسها وبرغم ما طفح من خلافات داخل البيت الخليجي بينها وبين شقيقاتها السعودية والإمارات والبحرين إلا أن حرص القيادة القطرية على الحفاظ على تلك العلاقات المصيرية جعل قطر تحسن إدارة موقفها وتبتعد عن التعامل بالمثل، حيث لا يزال سفير قطر موجوداً في الرياض والمنامة وأبوظبي برغم ما قررته تلك الدول من خطوة عبرت بها عن لومها لدولة قطر بسحب سفرائها من الدوحة في أزمة عابرة تمضي الآن إلى نهاياتها.
زيارة البشير للمملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج ثم تلبية الدعوة الموجهة له من القيادة السعودية للتباحث حول آفاق العلاقات الثنائية تأتي هذه الزيارة لتؤكد أن دولة العرب لن تؤتى من السودان وأنها محمية الأطراف وعصية على محاولات الاختراق من الخلف ومحاولات النيل منها غفلة.
الحميمية والأريحية والصراحة التي اتصف بها لقاء البشير بولي العهد السعودي الأمير سلمان، هذه الحميمية هي التي ترسم المسار الجديد للعلاقات مع المملكة والتي يجب أن تدار بقدر عالٍ من الحكمة وعمق النظر والتأمل الصائب في واقع التحديات التي تعيشها المنطقة العربية.
وأتصور أن هذه الصراحة التي اتصف بها اللقاء بين البشير وولي العهد السعودي في جدة يجب أن تكون قد تناولت التوضيحات اللازمة حول ملف علاقات السودان المحدودة والمحددة الأوجه مع بعض دول المعسكر الطائفي المعادي للسعودية ودول الخليج العربي، وأتخيل أن الصراحة كانت هنا بشكل مكشوف يقطع دابر الشكوك في سماح السودان بتمرير أجندات تآمرية أو في إمكانية التهاون من جانب السودان في ثوابت الموقف العربي.
بجانب ملف العلاقات بين السودان وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين في مصر والحقيقة التاريخية تقول إن جماعة الإخوان المسلمين في مصر لم تكن تربطها أية علاقات تواصل رسمي مع نظام الإنقاذ منذ عام 1989. وذلك بسبب تحفظات الكثير من قيادات تلك الجماعة على تجربة حكم الإسلاميين في السودان والتي بحسب تصوراتهم الفكرية يعتبرونها لا تجسد نموذج الحكم الإسلامي، وهذا حديث موثق ومعروف صرح به عدد من قيادات الإخوان المسلمين في مصر قبل ذهاب مرسي من السلطة.
لذلك نقول إن ترطيب العلاقات بين السودان والسعودية لم يكن يحتاج إلى جهد كبير، فقط عزيمة وقدر من التوضيح يزيل سحابة الصيف ويعبد الطريق.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي