قد لا يغيب المشهد عن كثير من أذهان الفتيات، تابعته في الافلام السينمائية والمسلسلات العربية: عروسان يدخلان غرفة، وباب يغلق ثم يد ذكورية تمد «قطعة قماش تؤكد براءة العروس، وزغاريد من الخارج يتبعها طلق ناري، وربما تغير الزمن، وتغير المشهد وفي كثير من الأماكن غاب أو انزوى بعيداً ولكن الانفتاح على الغرب والتحرر الزائد بواسطة البث الفضائي وأجهزة الالتقاط المتطورة التلفاز والانترنت وغيره من الوسائل أعادا صياغته بلون جديد ووجدت الكثير من الفتيات انفسهن مطالبات بفحص العذرية قبل الزواج فهناك من قالت إنه يجب ان يكون واقعاً معاشاً نسبة للتغيرات التي يمر بها المجتمع ومنهن من اعتبرنه إهانة ومذلة وكذلك الشباب في هذا الاتجاه انقسموا لفريقين قبولاً ورفضاً وما حفزني لطرق «فحص العذرية» الحديث الذي وقع على مسمعي «كدوي المدافع» لاستبعادي حدوثه بالسودان حينما قال لي الدكتور «م0ع» إختصاصي النساء والتوليد وبسؤال يتسم بالجراءة لماذا لا تتناولون فحص العذرية المنتشر في الفترة الأخيرة بين مختلف الاوساط في المجتمع السوداني ومن يومها فكرت في اجراء هذا التحقيق :
إهانة للمرأة
أولاً وللأمانة المهنية فإن طرح سؤال مباشر لفتيات في مجتمع محافظ حول إذا ما كانت تقبل الفتاة ان تفحص عذريتها ام لا استعصى علىَّ كثيراً للحساسية المحيطة به فمن الصعوبة ان تجيبك فتاة بشكل مباشر على هذا السؤال أن تمكنت شجاعتك الادبية من طرحه ولكن استفدت من خلفيتي البحثية وصممت استمارة بحثية ضمنت فيها سؤال فحص العذرية على النحو التالي هل توافقين على «فحص عذريتك» قبل الزواج الإجابة نعم أولاً ولماذا وبمساعدة استاذ لعلم الاجتماع بجامعة عريقة قمت بتوزيع «001» استبيان للطالبات فجاءت أجاباتهن متباينة فـ «06%» كانت اجابتهن بعدم الموافقة على الفحص واعتبرنه مهانة ومذلة للمرأة و«03%» أجبن بالموافقة على الفحص وقلن يجب ان يكون واقعاً معاشاً طالما الفتاة واثقة من نفسها بينما «01%» منهن لم يجبن على السؤال.
عذرية الفتاة مهمة
اما الذكور فطرحت عليهم سؤالاً عن رأيهم في فحص العذرية فقال «عز الدين الشيخ» موظف بشركة حكومية ان عذرية الفتاة مهمة واساسية بنسبة «001%» وإذا لم توجد يقع الطلاق فوراً ويشير إلى ان في الأمر امتيازاً للزوج بأن يطمئن على شريكة حياته ويعلق قائلاً: «ولكن مجتمعنا مغلق وحساس ويتحفظ على مثل هذه الفحوص ويضيف وبعض الأسر ترفض الموضوع لانه يثير الشكوك والثقة بين العائلات»، بينما يرى حسين إسماعيل مدير مدرسة ثانوية أنه ليس من حق المتقدم لخطبة الفتاة ان يطلب هذا النوع من الفحوصات ما دام قد ارتضى لنفسه ان يناسب من يتماشى مع دينه وحسبه ونسبه وأخلاقه ويضيف فهناك فتيات مارسن الفاحشة ولم يفقدن عذريتهن وربنا ساتر عليهن ويستدرك قائلاً لا بل هناك متماديات في الاخطاء ولكنهن يلجأن لعمليات ترقيع غشاء البكارة ويختم حديثه قائلاً: ولربما فتاة نزيهة ولقلة الدراية فقدت عذريتها.
موافقة ولي الأمر
الدكتور فخر الدين البشير -طبيب- «استشاري نساء وتوليد» سألته عما إذا ما كانت توجد حالات لفحص العذرية بالسودان ام غير موجودة. فأجاب وبشئ من «الدبلوماسية» اعتقد ان فحص العذرية قبل الزواج مجرد حالات فردية وتكاد تكون معدودة ويرى ان مثل هذا السلوك غير سليم، ويضيف: ومن الممكن ان يحدث شرخاً في الحياة الزوجية بين الطرفين ويضع الفتاة محل إتهام حتى تثبت براءتها ويضيف وهذا يقود لتفكك المجتمع. فقلت له هل هنالك حالات من الممكن تفقد فيها الانثى عذريتها بصورة غير طبيعية أو دون ممارسة غير اخلاقية فأجاب قائلاً: نعم هناك العديد من الحالات التي تفقد فيها الفتاة عذريتها من غير ان يمسها رجل كممارسة رياضة عنيفة أو أي ممارسة خاطئة أخرى فقلت له اتوجد ضرورة لاجراء هذا الفحص؟ فقال: يجب ان لا يجرى هذا الفحص إلا عند الحاجة الطبية فمثلاً ظهور لحمية في الجهاز التناسلي تتطلب مثل اجراء هذا الفحص ويضيف ولكن حتى في هذه الحالة نخبر الفتاة وولي أمرها بأنها من الممكن ان تفقد عذريتها ونحصل في هذا على موافقة خطية من ولي أمرها، وبعد اجراء الجراحة ان كانت الفتاة لها الرغبة في الفحص يتم الفحص وفي الاغلب لا تكون لها الرغبة، وان قبلت ذلك يوثق ذلك من اجل مستقبل الفتاة بسرية تامة فقلت له هل تقومون باجراء مثل هذه الفحوصات بسهولة فقال: لا فواجبي كطبيب الا اجرى فحصاً لمجرد وجود شكوك.
باب الشك
أما الدكتورة «ن،ع» اختصاصية النساء والتوليد عندما سألتها عما إذا ما كانت هنالك حالات لفحص العذرية أم غير ذلك، قالت مبتسمة ومتسائلة انت من هداك على الموضوع دا؟ فقلت لها مازحاً: لطرق المسكوت عنه في مجتمعنا، فقالت: نعم مسكوت عنه ولكنه موضوع في غاية الأهمية ويجب التطرق إليه بدون حياء وخاصة أنه يوجد بالمجتمع، فهنالك حالات عديدة تأتي للعيادة بغرض اجراء فحص للعذرية سواء قبل أو بعد الزواج فقلت لها لماذا؟ فقالت احياناً يكون للاطمئنان من الفتاة وخطيبها وأحياناً من الام وتضيف فالبكارة ما زالت ذات أهمية بالمجتمع السوداني فقلت لها: هل هناك شرائح معينة من المجتمع تقوم باجراء هذا الفحص؟ فقالت مختلف الشرائح تقوم بالاجراء هذا الفحص فهناك عائلات راقية ومثقفة وعائلات بسيطة فقلت لها هل يقتنع الناس بإجراء الفحص فقالت المشكلة ان الكثير من الناس يجهلون ان للبكارة انواعاً، فالغشاء المطاطي كثيراً ما أفسد حياة كثير من الازواج، فمنذ سنة زارني رجل مهم ومثقف مع زوجته، طلب مني أن أفحصها وبعد التشخيص قلت له ان عذريتها من النوع المطاطي الذي لا ينزف، لكنه لم يقتنع رغم أنه حسب قوله زار ستة اطباء آخرين واكدوا نفس التشخيص، فأعطيته بعض المراجع الطبية، وبعد شهرين اتصل بي عبر الهاتف قال للأسف ظل باب الشك قائماً فطلقتها.
رأي قانوني
يذهب الدكتور «محمد جامع» استاذ القانون والشريعة الاسلامية بالجامعات السودانية إلى أن في الفحص اتهاماً للناس في اعراضهم دون وجه حق، وينصح الشباب إذا كانت الفتاة ذات سمعة طيبة واسرتها عرف عنها الاخلاق الحميدة، ان يبعد عنه هذه الشكوك، ويجنب الفتاة الاحراج، ويقول فلربما هذا الفحص ترفضه الفتاة لاسباب خاصة لم تفصح عنها لاسرتها ربما رياضة أو حملت شيئاً ثقيلاً أو ربما سقطت من مكان مرتفع ويضيف: وإذا كانت الأسرة بدراية وعلم بما حدث مع ابنتهم عليهم توثيقه طبياً وان يخبروا المتقدم لابنتهم ويكونوا صادقين معه منذ البداية وكذلك عدم السكوت على مثل هذا الأمر ويكون معهم ما يحميهم من وثائق طبية حتى لا يشكك في ابنتهم، ويضيف: فعدم الشفافية في هذا الأمر ربما يؤدي بعد الزواج للطلاق وربما للقتل عند ضعاف النفوس.
رأي الدين
ويستشهد الشيخ «السماني الخليفة» فقيه في الدين» عندما سألته هل يجوز فحص العذرية أم لا يجوز، يقول الله سبحانه وتعالى: «إن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنو ا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون» ويقول ان الفتاة التي تجرى عليها عملية ثبوت البكارة او ازالتها، انما هي فضيحة لها ولأهلها ولمجتمعها الذي يحط من كرامتها، و قد جاء رجل إلى سيدنا عمر «رضي الله عنه» وقال له يا أمير المؤمنين، كانت لي بنت دفنتها في الجاهلية، فنبشت وخرجت، ثم كبرت، ثم لما كبرت اصابت حداً، فضربناها ضرباً مبرحاً، فجاءت بالموسى وقدت أديمها «جلدها» فنزفت وعالجناها وبرئت والآن جاءت جماعة يخطبونها، فهل أخبرهم بما حدث منها؟ فقال له عمر أنكحها نكاح العفيفات ولا تخبر احداً بما حدث منها ويستدرك الشيخ هكذا كان موقف الاسلام وإن الذين يذهبون لفحص العذرية قوم يريدون ان يهتكوا الستر الذي اسبله الله على عباده.
جهاز كشف العذرية
شركة يابانية اخترعت جهازاً يكشف عن عذرية المرأة من مسافة «01» أمتار، يعمل بواسطة الاشعة فوق البنفسجية والترددات فوق الصوتية، لمعرفة ان كانت المرأة عذراء أو تحمل في أحشائها جنيناً، بل ان الجهاز يكشف تحديد الفترة الزمنية التي فقدت بها الفتاة عذريتها.
عموماً ومهما يكن فإنه لا داعي لاجراء مثل هذا الفحص إذا ما تمسكنا بقيمنا الاجتماعية والدينية التي تحضنا على ان لا نقرب الفواحش ما ظهر منها وما بطن وان نتأسى بخلق رسول الله «صلى الله عليه وسلم» حينما جاءه شاب وقال: إئذن لي بالزنا. فلم يغضب «صلى الله عليه وسلم» من سؤاله ورد عليه بخلق رفيع وسمو عالٍ فقال له: أترضاه لأمك؟ فقال لا. أو لزوجتك؟ فقال: لا. أو لاختك؟ فقال لا. فقال له «صلى الله عليه وسلم» ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك فرجع الشاب تائباً وآيباً لله سبحانه وتعالى وعلينا جميعاً بأن لا نفعل ما لا نرضاه لانفسنا فإن اختفيت من عيون الناس فالله يراك في سكناتك وحركاتك.
المصدر :الراي العام