استرداد «حلايب» الآن أنسب يا كرتي

استرداد «حلايب» الآن أنسب يا كرتي
أدخل وزير الخارجية علي كرتي موضوع استرداد منطقة حلايب التي تقع الآن تحت الاحتلال المصري، في سياق مراعاة العلاقات السودانية المصرية حينما قال بأن «شكوى السودان لمجلس الأمن بشأن حلايب لن نحركها».
السيد الوزير يرى أن ما يتردد عن حلايب وشلاتين الهدف منه تشويش العلاقات المصرية السودانية. والعلاقات السودانية المصرية يريدها الشعب السوداني أن تبنى على رضاه من الدولة المصرية، والآن لا يمكن أن تبنى علاقات معافاة بين دولتين تحتل إحداهما أرضاً للأخرى.
كلام السيد وزير الخارجية فيه مراعاة زائدة للعلاقات بين البلدين، وكنا نتمنى أن تكون في الجانب الآخر نفس هذه الروح التي يتعامل بها وزير الخارجية السوداني، فمثلاً نريد من مصر – كشعب سوداني – أن تنظر بعناية إلى إيجابيات بناء سد النهضة التي ستنعكس على السودان. وحتى إذا كانت مصر ترى سلبية معينة من بناء هذا السد يمكن أن تحتوي أثرها عليها بالتضامن مع السودان، وهذا يعني أن السودان حتى لو أجّل حقه القانوني فإن هذا ليس تجاوباً مع الأنانية المصرية.
العلاقات مع مصر مسؤول منها وزير الخارجية نعم، لكن الحق السوداني لا بد أن يمضي في مسار مختلف بواسطة وزير الدفاع أو وزير العدل. وهو مسار ينتهي في قنوات التحكيم الدولي.
السودان يريد العلاقات الجيدة مع مصر، لكن ليس على حساب حقوق البشاريين بل على حساب السيادة السودانية في منطقة البشاريين في حلايب.
حديث كرتي يحمل روحاً دبلوماسية طيبة تجاه مصر، ونتمنى أن تدوم، لكن دون التنازل عن «الحق». يقول وزير الخارجية لن «نجعل موضوع حلايب وشلاتين سبباً في مواجهة إخواننا في مصر».. انتهى.
ولكن المفروض بالمقابل أيضاً لا تجعل الحكومة السودانية حرصها على العلاقات مع مصر بهذه الروح سبباً في تأخير استرداد حقوق البشاريين الوطنية والتنموية والسياسية والخدمية والاجتماعية.
فلتمض العلاقات بصورتها الجيدة كما هي منذ الثاني عشر من ديسمبر 1999م، وتمضي معها إجراءات استرداد حلايب لإعادة أهلها السودانيين الى حضن الوطن.
أما الحديث عن العناصر التي تريد تشويش العلاقات بين السودان ومصر، فإن السؤال هنا هو في أي جانب توجد هذه العناصر؟!. في الجانب السوداني حتى المعارضة السودانية بما فيها الحركات المتمردة التي تتحدث عن تحرير السودان لم تقدم رؤية حول مسألة احتلال حلايب، بعكس المعارضة العلمانية في مصر أيام حكم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، فقد كانت تزايد بالضرر المزعوم من سد النهضة وبالموقف من حلايب. رغم أنها كانت تشعر بأن السودان في العهد الديمقراطي في مصر قبل الانقلاب العسكري يمكن أن يتنازل حكومة وشعباً عن بعض الحقوق لصالح الشعب المصري «الحر» فقد كان حراً بالفعل في تلك الشهور الديمقراطية التي ولت.
وأهم ما قاله السيد كرتي هو أن «جميع الخيارات مطروحة لحل مشكلة حلايب وشلاتين ومن الممكن اللجوء لوسائل أخرى إذا اقتضى الحال».. انتهى.
ترى هل «اقتضى الحال» اللجوء لتلك الحلول؟!.
إن «الحال الآن» هو أن مصر متمسكة جداً باحتلالها لحلايب، وتمضي بقوة وبكل ما تملك في تنفيذ مشروع تمصير المنطقة السودانية المحتلة. فقد اقتضى الحال أن يتحرك السودان لاسترداد أرضه المحتلة بالطرق القانونية المعروفة معززة بالمواقف الدبلوماسية خاصة في هذا الوقت المناسب. بالفعل الوقت مناسب جداً وأكثر من ذي قبل وربما أكثر من بعد، فالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في السودان تنتقل الآن من دائرة الأزمة الحادة الى دائرة الأزمة الخفيفة القابلة للمعالجة. ولا شيء الآن يشغل السودان ويصرفه عن قضية احتلال حلايب، كل الملفات تجري معالجتها، وقد يكون الوضع غداً أسوأ ويتعمق الاحتلال ويرسى بصورة أقوى بعد أن يقطع مشروع تمصير المنطقة المحتلة أشواطاً بعيدة، تجعل منها أسوان أخرى. فقد كانت أسوان نوبية مثلها مثل وادي حلفا والسكوت وعبري والمحس وأكد وحفير مشو، لكنها بمرور الأيام والتحولات السياسية تم تمصيرها. فأدخلها الاحتلال البريطاني في داخل حدود الدولة المصرية طبعاً، وهذا قد يحدث غداً لحلايب البجاوية أرض البشاريين السُمر.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version