بينما الولايات المتحدة تحشد أكبر تحالف لقتال داعش، يواصل الحوثيون سيطرتهم على صنعاء، حيث لم تتوقف المعارك حتى بعد توقيع اتفاق السلام بين الحوثيين والحكومة برعاية وسيط الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر الذي قال في تصريحات له أمس الخميس إن العاصمة صنعاء باتت تحت رحمة ميليشيات أنصار الله، وقال أيضاً: “العاصمة محتلة من قبل ميليشيات تحتل المطار والمباني الحكومية”. ورأى أن سيطرة لغة السلاح انتكاسة لمخرجات الحوار. وأوضح بن عمر أن التفاهمات على دولة اتحادية من ستة أقاليم في اليمن مازالت قائمة، ولم يعلن أي طرف تراجعه عنها. ونفى المبعوث الأممي علمه بمكان وجود اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع.
سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ترافقت مع خسائر بشرية، حيث أعلنت وزارة الصحة اليمنية أمس الخميس، أن المعارك الأخيرة أوقعت 270 قتيلاً، وفق حصيلة جديدة لا تزال مفتوحة أمام الاحتمالات كافة، في تراجع وانهيار سريع لاتفاق السلم والشراكة، الذي وقع عشية اجتياح الحوثيين صنعاء ونص على تشكيل حكومة كفاءات جديدة، وتخفيض أسعار الوقود، ورفع اعتصامات الحوثيين من صنعاء ومحيطها، ولكنه مع الأسف لم يمنع الاتفاق جماعة الحوثيين من الاستمرار في تصفية حساباتها داخل العاصمة، فقصدت بيوت مناوئيها مستوليةً على بعضها، ومفجّرة بعضها الآخر.
دخول الحوثيين إلى صنعاء فجر أزمة إقليمية آخذة في التصعيد في إطار صراع المحاور للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط من خلال الاصطفاف الطائفي والمذهبي، وبالتالي فإن الحديث عن وجود مؤامرة تشارك فيها أطراف دولية تبدو متصارعة مع بعضها ومتحالفة في هذه المؤامرة، يبدو هذا الحديث هو التحليل الأقرب إلى التصديق من قبل الشارع اليمني والمراقبين للوضع في اليمن.
الأزمة اليمينة العميقة منذ رحيل نظام علي عبد الله صالح باتت ساحة مفتوحة لتدخلات وتقاطعات دولية وإقليمية، فهناك قوى تعمل لإجهاض مشروع اليمن الحديث القائم على مخرجات الحوار الوطني الذي شاركت فيه كل القوى السياسية الحية في اليمن، وانتهى إلى تعزيز الوحدة اليمينة.
ولابد من صنعاء وإن طال السفر، هكذا تقول المأثورة العربية، ولكن سفر الحوثيين من صعدة وعمران إلى صنعاء لم يكن طويلا، ما يشير إلى أن هناك مؤامرة ما دبرت لتمكينهم من عاصمة البلاد ورقاب العباد.
إذا لم تتحرك القوى الإقليمية وأعني هنا دول الخليج الراعية لاتفاق المصالحة اليمنية لوقف هذا الاجتياح الحوثي، فإن اليمن السعيد مرشح في القريب العاجل أن يصبح اليمن التعيس الغارق في بحور من دماء أبنائه في صراعهم الطائفي العبثي الذي سيفتح بدوره الباب أمام انشطار اليمن إلى دويلات طائفية.
[/JUSTIFY] محمود الدنعوالعالم الآن – صحيفة اليوم التالي