هناك شعرة أو خيط رفيع يفصل بين إمكانية ان تنبهل بالجرسة، وبين أن تلزم حد الصبر وتقطعا في مصارينك، وذلك عندما تقارعك الخطوب فتقرعك على أم رأسك .. ففي ردة فعلك الفوري المباشر على ما يصيبك تكمن حكمة مثلين من أمثالنا البليغة .. الأول يحكى عن تعادل كفتي ميزان احتمالات ردة الفعل على الابتلاء والحد الفاصل ما بينهما الذي قد يكون متناهي الدقة ولا يضاهي سماكة شعرة ناعمة وسبيبية .. هذا المثل يقول (السترة والفضيحة متباريات) .. وفي تفسير (الركائز في تفسير حكم العجائز) تم تفسير المثل بأنك قد تصبر على الابتلاء فتغنم السترة، وقد تتجرس وتجيب لي روحك هوا الفضيحة وشيل الحس، أما المثل الثاني فيحفزك ويدعوك للصبر على الابتلاء فهو يقول ( إن ابتليت يا فصيح .. ما تصيح).
خير تطبيق عملي لهذين المثلين على أرض الواقع هي الخلافات والاختلافات الزوجية بين الازواج، فقد تبتلى المرأة بزوج مضروب أو معيوب كأن يكون سكّير .. نكدي .. شراني .. يدو طويلة، أو عينو طايرة (عينو زالّه ومركبو حالّة) .. بالمقابل قد يبتلى الرجل بزوجة نقناقة، أو شُبكِية .. يفكوها من ده تندرع في ده، أو حوّامة نهارا كلو تتطمّش بين بيوت الجيران .. سلام يا بيت وحباب يا بيت، وربما كان عيبها في السطحية وفضا المخ (فارغات الـ كابدلو بلا قرعات).
عندما يبتلى أحد الزوجين بشريك يحمل إحدى الصفات السابقة، يكون الجو مهيأ لحياة كاملة الدسم من النكد والمشاكل الغير منتهية، وهنا يجيء دور أمثالنا الحكيمة، فالزوجة التي تعيها الحيلة في اصلاح زوجها المعوج تلجأ للشكوى، فتنصحها الحكيمات بأن:
يا بتي السترة والفضيحة متباريات .. مافي داعي للعوّة والمشاكل وشيل الحال كل يوم والتاني .. أصبري يمكن الله يعدل حالو بعد الحال .
أما الزوج المغلوب على أمره من الزوجة المعوجة، فعندما يلجأ للشكوى ينصحه العارفون بأن:
إن ابتليت يا فصيح .. ما تصيح .. يمكن الله يهديها وتخلي البتسوي فيهو.
من المعروف أن للأزواج السودانيين عموما مقدرة عالية على التكتم ومعالجة المشاكل في اضيق نطاق، وهذا من طبعنا الميال للسترة، فكم من زوجة باتت مضروبة .. مضيومة .. مغلوبة على امرها، ولا يعرف عن حالها احد، سوى وسادتها المبللة بالدموع، وكم من زوج بات مغبونا تغلي دواخله ويجقجق من عمايل مرتو دون أن يفكر في الشكوى لغير الله .. الماسكين حبل الصبر ما شوية والله يصلح الحال .
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]