دعوني أولا أحكي لكم حكاية الوالي الذي تم إختياره من داخل دورة مياه، تقول الحكاية، أن بلداً شمولياً ما إحتاج لتعيين شخصية من طائفة محددة واليا لولاية جديدة مستحدثة على سبيل الترضية لهذه الطائفة من جهة، وليأمن الحزب الحاكم جانبها من جانب آخر، ولكن باءت كل محاولات الحزب في العثور على شخصية معروفة ذات وزن واسم وصيت من هذه الطائفة بالفشل الذريع، إذ رفض كل من إتصلوا به من أهل الوزن والمقام، وكان ذلك سبباً في تأخير إعلان الوالي الجديد لتلك الولاية الجديدة ليومين كاملين ولم تعد هناك فرصة تأخير ليومٍ ثالث، وكانت وقتها غرفة عمليات الحزب الحاكم منعقدة بداره المنيفة يتداول أعضاؤها حول كيفية الخروج من هذا المأزق، وكان الرجل المكلف برئاسة لجنة إختيار الولاة يكثر من التردد على الحمام ليس بسبب داء السكري المصاب به بل أيضاً للقلق الذي رفع نسبة التبول عنده، وفي جولة من جولاته بين المكتب والحمام لمح رجلاً في البهو يدل سمته وسماته على أنه من هذه الطائفة التي لم يجدوا فيها من يقبل المنصب المعروض عليها، دخل الرجل الحمام وقضى حاجته وخرج وهو يقول في نفسه على طريقة إرخميدس (وجدتها وجدتها) واتجه ناحية الرجل الذي كان لا يزال واقفاً في محله وكان محامياً مغموراً يعمل لحساب محام شهير أرسله لدار الحزب لابلاغ إفادة محددة لأحد موكليه من أعضاء الحزب الحاكم، سلّم عليه ببرود وعجرفة وسأله هل أنت كذا ذاكراً إسم الطائفة، وجاءه الرد أن نعم، قال له إنتظر هنا ولا تتحرك حتى آذن لك، ثم هرول تسبقه كرشه إلى حيث بقية صحبه الميامين مجتمعين، عرض عليهم الأمر وتداولوه سريعاً ليوافقوا جميعاً على تولية هذا المحامي المغمور الذي ساقته الصدفة فقط إلى المكان الذي تخرج منه قرارات تعيين الولاة، في هذه اللحظة إنتابت الرجل نوبة بول فخرج مهرولاً وقبل أن يدلف داخل الحمام إلتفت بعجلة إلى المحامي المغمور وقال له تفضل أدخل هنا فقد أصبحت واليا..
الشاهد في هذه الحكاية هو أن هذا الصراع المحتدم في مجالس شورى الحزب الحاكم بالولايات الجاري الان على مستوى هذه المجالس، ثم من بعد على مستوى المؤتمرات العامة لاختيار مرشحيها لمنصب الوالي،كل هذا التنافس المحموم سينتهي أخيرا عند رئاسة الحزب المركزية التي تملك السلطة النهائية لتسمية المرشح الذي تراه مناسبا من بين جملة الأسماء المرفوعة لها،دون أن تكون الرئاسة معنية بمن أحرز أعلى الأصوات أو من حصل على أدناها،وهذه طريقة كما ترون تماثل تماما طريقة طرح العطاءات الحكومية التي تنص على أن مدير الجهة الكذا غير مقيد بقبول أعلى أو أدنى عطاء،وما دام الحال كذلك فلماذا اذن كل هذه الهيصة والزيطة والزمبليطة والهلمة والصرف على كل هذه الاجتماعات والمؤتمرات اذا كان المرشح النهائي ليس بيدها،ولماذا تلجأ الرئاسة لهذه (اللفة الطويلة) طالما أنها صاحبة القول الفصل،ومع أن هذه (اللفة) لاهي شورى كاملة ولا ديمقراطية تامة…
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي