التساؤلات التي يطرحها المراقبون لمسار التفاوض بين وفدي الصراع في جنوب السودان ما هو الجديد المأمول من هذه الجولة التي تقول وساطة الإيقاد أنها حاسمة بل ظروف إطالة أمد الحرب وتداعياتها تفرض على الأطراف بأن تكون هذه الجولة حاسمة وأخيرة، ولكن من يقرأ مشهد الصراع الراهن لا يرى جديداً سوى تبديل مقر التفاوض من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إلى مدنية بحر دار، وهو التبديل الذي سعت الوساطة إلى تبريره بإبعاد المفاوضات من الضغوط والمؤثرات الخارجية، حيث أديس أبابا من أهم التجمعات الدبلوماسية، فهي بجانب التمثيل الدبلوماسي لدول العالم بدولة إثيوبيا هي مقر الاتحاد الأفريقي، وبالتالي يوجد بها حشد كثيف من الدبلوماسيين، ولكن حتى هذا التبرير من الإيقاد يراه البعض غير منطقي، ففي عصر تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لا توجد منطقة معزولة عن العالم، وبحر دار لن تكون بعيدة عن أديس أبابا، ولكن التبرير المنطقي الذي يؤكده مراقبون بأن وساطة الإيقاد سعت إلى التقشف في الإنفاق على هذه المفاوضات الماراثونية، التي كلفت الوساطة حتى الآن نحو 17 مليون دولار، وهو أمر فوق مقدرة دول الإيقاد.
إذن، انتقل مقر التفاوض إلى بحر دار المدنية السياحية الجملية الواقعة على ضفة بحيرة تانا عند منبع النيل الأزرق، وجاءت الجولة الراهنة بعد توقف بغرض مراجعة الأطراف لمواقفها والاستراحة قليلا من رهق التفاوض والتشاكس، ولكن هل يجرى الاستئناف الآن للتفاوض بروح جديدة من شأنها تبعث الأمل في أن تكون هذه الجولة هي الحاسمة والأخيرة، كما هو مأمول منها، الإجابة عن هذا السؤال تكمن في النظر إلى أجندة التفاوض وموقف الطرفين تقول وساطة الإيقاد أن الوفدين سبحثان جملة من القضايا الخلافية التي أدت إلى تعليق المفاوضات بينهما في 27 الشهر الماضي، ومن بين تلك القضايا تشكيل الحكومة، وانسحاب القوات الأجنبية، والفترة الانتقالية.
أما موقف التمرد، فهو كما جاء على لسان الناطق العسكري بشأن المصفوفة الأمنية التي رفضوا توقعيها بأنهم لم يوقعوا المصفوفة دون انسحاب القوات اليوغندية من الجنوب، كما أكد أنهم لم يوافقوا على البروتوكول السياسي المقترح من قبل الإيقاد.
موقف حكومة جوبا أوضحه جيمس واني إيقا نائب رئيس جنوب السودان بأن وفد الحكومة سيمضي قدما في عملية السلام من خلال مقترح الإيقاد، مضيفا أن مواجهة المتمردين القادمة في حال عدم التوقيع على مقترح الإيقاد للسلام ستكون مع الإيقاد وليست مع حكومة جنوب السودان.
ويمكن ببساطة استنباط تباعد المواقف بين الطرفين رغم هدنة التفاوض التي منحتها الإيقاد لتقريب وجهات النظر، وهو يقلص مساحة الأمل في نحاج هذه الجولة.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي